التاريخ الدموي لإخوان طروادة في اليمن (فبراير 1948م – 2016م) (2-2)

جميل أنعم
سادساً : نوفمبر 1989م – 1994م ..
في نفق جولدمور بعدن اتفق الرئيسان -حينها- “علي عبدالله صالح” و “علي سالم البيض” على الوحدة الاندماجية، وفي 30 نوفمبر 1989م أُتفق على الوحدة والدستور الذي عارضه بشده رموز الإخوان، وأقره الشعب اليمني شمالاً وجنوباً وبالاستفتاء الشعبي وقامت الوحدة في 22 مايو 1990م
يكتب البردوني في كتابه الثقافة والثورة في اليمن (( وكان أهم ثمار الوحدة علنية التعددية وصدور صحف تمثل التعدد … إن هذه التعددية حديثة العهد على الصراع الحزبي، بشروطه المعاصرة فهي أشد اختلافاً مع جماعة الإخوان الذين انضافت إليهم قوى مشيخية وتجارية فأصبح اسم جماعة الإخوان “جماعة الإصلاح” لكي تدل التسمية على الحزبية وعلى نهجها المحافظ، ولابد أن هذه الخصومات تقوي كل الفرقاء، لأنها اصطراع مفاهيم لا محاربة عشائرية لهذا بدأت جماعة الإخوان تنكمش من كل جوانبها بعد فقدان تفردها على الميدان الشعبي، وعلى المراكز الخلفية في السلطة وقد سبقت الإشارة إلى أن جماعة من الشيوخ والضباط تسمّوا بـ “جمعية سبأ” في مطلع السبعينيات، ولما كان المراد أكبر منهم انضموا إلى الإخوانيين أو انضم الإخوانين إليهم)) ..
وحتى لاتنكمش جماعة الإخوان كما قال البردوني آنفاً تعرض شركاء الوحدة القادمون من عدن لموجة عارمة من الاغتيالات لقادة وكوادر الحزب الاشتراكي اليمني، وتوجت بفتوى دينية إخوانية للإخواني الإصلاحي “عبدالوهاب الديلمي” في 1994م تكفر الجنوب أرضاً وانساناً وبموجبها تم اجتياح الجنوب من قِبل الحلفاء ويتقدمهم الإخوان والقاعدة وفريق هادي المطرود من عدن يناير 1986م، وبقايا السلاطين عملاء الاستعمار والرجعية السعودية ويتم القضاء على جيش اليمن الديمقراطية، وشركاء الوحدة من مدنيين وعسكريين جنوباً إلى المنافي القهرية في الخارج أو البيوت في الداخل، ولتحل اللعنة شمالاً على الاشتراكيين وظيفياً … وليتمدد جماعة الإخوان على أكتاف الحزب الاشتراكي اليمني، وحينها قال الأستاذ “علي سالم البيض” في إحدى خطاباته (لقد غدر بنا وبالوحدة)
وليتولى بعدها الإخواني صاحب فتوى تكفير الجنوب “عبدالوهاب الديلمي” حقيبة وزارة العدل بعد حرب 1994م، وليتمدد الإخوان المسلمين جنوباً بالإسلام السعودي بعد تعديل دستور الوحدة .
سابعاً : 2007م 2016م …
من حروب صعدة إلى العدوان السعودي الأمريكي على اليمن، كل اليمن أرضاً وانساناً مارس 2015م حتى تاريخه
بعد أن تمدد الإخوان جنوباً وتم القضاء على جيش اليمن الديمقراطية، وزوال خطر 306 صاروخ سكود باليستي على بني سعود، وبعد أن استطاعت حركة الإخوان المسلمين من استقطاب أقوى شخصيات مراكز النفوذ والسيطرة في اليمن رئيس الفرقة الأولى مدرع الجنرال على محسن الأحمر، اطمأن الإخوان على مستقبلهم السياسي في اليمن، والمسألة مسألة وقت لاكتمال السيطرة على اليمن سياسيا، تحت الوصاية القطرية الأمريكية الصهيونية، وبظهور التعددية الحزبية في اليمن برز للوجود تنظيم “الشباب المؤمن” الذي أسسه الشهيد القائد “حسين بدر الدين الحوثي” والذي بدأ يستنهض الأمة لمقاومة الظلم والظالمين بفكر الإمام علي بن أبي طالب والحسين بن علي وزيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب رضوان الله عليهم اجمعين …
مما أزعج وأقلق وهز عرش بني سعود والكيان الصهيوني وامريكا الاستعمارية، فشنت ستة حروب على معقل “الشباب المؤمن” في صعدة واستشهد السيد القائد “حسين بدر الدين الحوثي” ومع ذلك ازدادت صلابة وشعبية هؤلاء الفتية، فدخلت السعودية بالحرب السادسة وانتهت بانكسار القوم، وقامت ثورة الشباب فبراير 2011م، التي سرقها إخوان طروادة وبها سيطروا على السلطة السياسية في اليمن، وتعرضت جميع مؤسسات الدولة الإيرادية والإنتاجية والخدماتية للتخريب الممنهج بالفساد والتعطيل والتخريب كالكهرباء مثلاً، وتعرضت القوات المسلحة الجيش والأمن للاغتيال المعنوي ثم الهيكلة بوضع رموز الإخوان والعمالة والارتزاق على قيادتها، بانتظار لحظة الصفر لتمزيق اليمن إلى ستة كيانات متناحرة مناطقياً وطائفياً وبالتزامن مع ذلك كان “الشباب المؤمن” ولاحقاً حركة “أنصار الله” اللجان الشعبية تتعامل مع الذراع العسكري النظامي للإخوان الفرقة الأولى مدرع في صعدة وعمران وتمكنت منه، بل انها تمكنت ولأول مرة من تحرير القبائل اليمنية من هيمنة وسطوة المشائخ والضباط المرتبطين بحركة الإخوان والوصاية الخارجية بأنواعها المختلفة أمريكا واسرائيل قطر تركيا السعودية، وظهرت القبائل اليمنية بمظهر سلمي عصري وهي مسلحة وحافظت على الأمن والأمان والممتلكات العامة والخاصة في العاصمة صنعاء وضواحيها أثناء وقبل وبعد ثورة 21 سبتمبر 2014م، بعكس ماكان يظنه البعض بأن القبائل ستنهب العاصمة وتستبيح الحرمات والأعراض فخاب ظنهم واسقط الثوار حكومة التخريب الاقتصادي والمالي ..
حينها صرح جمال بن عمر أن الدولة عاجزة عن دفع المرتبات للموظفين في الدولة بداية من العام 2015م لتمرير الجرعة القاتلة، وهاهي دولة اللجنة الثورية تفي بالتزاماتها مالياً وادارياً وامنياً ودفاعياً تجاه المواطن والموظف والارض في ظل انعدام الموارد والإيرادات والحصار والعدوان المستمر على مدى 11 شهراً، وتشكلت “حكومة الشراكة” وغدر إخوان طروادة وهادي بمبدأ التوافق في إقرار الدستور، وكان دستور الأقاليم دستور فنادق دبي والأردن والذي أسقطه الثوار سريعاً، وقدم الرئيس الخائن وحكومة الإخوان الاستقالة الجماعية، تماماً كما قدم الشيوخ الأربعة المسيطرين على الحكم بعد حركة 13 يونيو 1974م بقيادة المقدم “إبراهيم الحمدي” استقالتهم الجماعية !… وهرب الخائن هادي إلى عدن ثم السعودية التي أدركت تماماً ان اليمن بثورة 21 سبتمبر 2014م، خرج من جلباب الوصاية السعودية، والإخوان للانكماش والخونة إلى مزبلة التاريخ ..
فحضر العدوان الأمريكي السعودي الصهيوني على اليمن لفرض الوصاية السعودية من جديد، ولتقسيم اليمن إلى ستة أقاليم، وليمتد الإخوان من جديد، فكانت المفاجئة إرادة يمنية سياسية حركة أنصار الله وقائداً شاباً السيد عبدالملك الحوثي، وشعباً صامداً وجيشاً ولجاناً شعبية يُسطرون أروع الملاحم البطولية، وبهم إن شاء الله تعالى سنطوي ورقة ذراع الخيانة في اليمن ونسحق أحصنة إخوان طروادة، والتي ظهرت من عام 1948م حتى 2016م .. وظهرت بوجوه ملونة مزيفة وبأسماء براقة وشعارات كاذبة، انخدع بها بعض من الشخصيات الوطنية المدنية والعسكرية قادة أحزاب وشيوخ قبائل … خاصة مع رفعها شعار الإسلام في خطر إفكاً إفكاً إفكاً، وكما قال نبراس وفنار الوطنية الفقيد عبدالله البردوني بواحدية المنطقة (المناطقية) أو بواحدية المصلحة (المال) حيث وهذه أسلحة الإخوان واسيادهم، وللأمانة والإنصاف التاريخي وبدون ذكر الأسماء فالبعض ممن انخدع بحركة الإخوان تدارك الأمر وعاد إلى صفوف الشعب والوطنية اليمنية، ومازال صامداً ومقاوماً، والبعض توارى عن الانظار ومنهم من تم اغتياله، والبعض كابر وعاند واستمر ولايزال مستمراً، والله لا يهدي القوم الظالمين ..
وهكذا كانوا ومازالوا إخوان طروادة مستمرين بمسيرة دموية سافرة لم يسجل التاريخ مثيلاً لها فالإخوان وبالنسخ الثلاثة الأمريكية والإنجليزية والصهيونية دائماً وأبداً نحو الداخل الوطني ذبحاً وقتلاً ودماراً وتهجيراً ولمصلحة ثالوث القتل والنهب والاحتلال بني سعود واسرائيل وامريكا ..
وأخيراً الجدير ذكره هنا بأن هناك متغيراً استراتيجياً هاماً سيكون له دور محوري في مستقبل اليمن الحديث، إن شاء الله تعالى، هذا المتغير في الساحة اليمنية وللأسف لم يدركه أو يستوعبه البعض في اليمن، أو حتى خارج اليمن وهو تمكن حركة أنصار الله من تحرير القبائل اليمنية الشمالية من الوهابية السعودية عبر الأذرع الإخوانية من مشائخ وضباط .. فأصبحت المناطق الشمالية طاردة للإخوان والقاعدة وداعش وقوى الفساد والنفوذ العشائرية التاريخية الكلاسيكية المزمنة، وصارت المحافظات الشمالية أكثر أمناً واستقراراً حتى في ظل العدوان واغتيالات حزب الإصلاح الإخواني.. في المقابل انتقلت الوصاية السعودية عبر الأذرع الإخوانية إلى المناطق الجنوبية والوسطى فأنعدم الأمن والأمان و الاستقرار واحتلت المجموعات المسلحة التكفيرية أحياء وازقة شوارع مدينة تعز، من كان يتوقع ذلك !.. نعم حدث ذلك بالوصاية السعودية الإخوانية وتوابعها … وحتماً ستنتهي هذه الظواهر بانعدام الغطاء الجوي من العدوان السعودي وبالوطنية اليمنية في حضرموت وعدن والضالع وتعز .. وتذكروا ذلك جيداً فاكثر ساعات الليلة ظلاماً هي الساعة التي تسبق طلوع الفجر وشمس يوم جديد واكثر الليالي ظلاماً هي الليلة 29 أو 30 من الشهر القمري التي تسبق بداية شهر قمري جديد ..
والخلاصة..
ولأن خالق وصانع هذا التنظيم الاستعمار والصهيونية الذي زرع الطبيعة الدموية في روحه ودمه قبل عقله وفكره، والتي تجلت في مسيرته الدموية طوال 68 سنة (1948م – 2016م) وبمراحل الانكماش والتمدد وبأشكال وصور متعددة ..واحدية المنطقة (مناطقية)، واحدية المصلحة (مراكز النفوذ والفساد والرأسمال المرتبط بالخارج)، عصبية العشائر (القبيلة)، والدين الكفر والإلحاد والشرك، ورحلة الانكماش لا يتعايش معها التنظيم ولا تناسبه لأنها مرحلة سلطة وطنية قومية أو مرحلة حوار قد تؤسس لإرساء عقد اجتماعي قوامه الرأي والرأي الآخر وبالوطنية اليمنية ..
إذاً مرحلة الانكماش تحد من تأثيره الشعبي وحضوره في السلطة لذلك فهو دائماً وابداً يجنح للدم والدماء والجماجم، والتي تنقله من حالة الانكماش إلى حالة التمدد، فتؤمن له العبور والحضور في السلطة ومفاتنها، مباشرةً أو غير مباشرةً بالقيادة الخلفية للسلطة -هادي مثلاً- وبغطاء إقليمي كالسعودية وتركيا وقطر واسرائيل واسناد دولي أمريكا والإنجليز، وأممي مجلس الرعب الدولي ..
وبالفيزياء التمدد بالحرارة، والتمدد الأخير لإخوان طروادة كان أكثر حرارة من ذي قبل، فبدأ بالاحتراق جنوباً ثم شمالاً، وهاهو يحترق وسطاً فأصبح وامسى مطروداً وغير مرحب به في الجنوب والشمال، وملاحقاً في الوسط، ونيران الـ F16 والبوارج الحربية والقنابل المحرمة دولياً “لا ولن تفرض هذا الكيان السرطاني الوبائي على صنعاء وعدن وحتى الأعبوس تعز ! بصفر أو عدة أصفار على الشمال بل ستزيد من احتراقه حتى يتفحم وسيتحول إلى هباب ليذهب سريعاً مع عاصفة “الحَزْنْ” إلى أدراج الرياح وإلى الأبد، إن شاء الله تعالى .
وبنظرة إلى قواعده الشعبية اليتيمة التي أُخذت بجريرة القادة المتورطين، والذين وللأسف نَكَّل بهم الاستعمار والغزاة أشد تنكيل، لم يسبق له مثيل في تاريخ العلاقات المتبادلة بين الكيانات والدول، فأصبحوا محط هجوم استعبادي لاذع من الخارج الغازي، والذي يراهم كالعبيد المستأجرين لإتمام مشاريعه، بسبب تفريط القادة بسمعة وكرامة وعزّة قواعده ولهثه وراء السراب.. فمثلاً أصبح الضابط الإماراتي المتقاعد “ضاحي خلفان” يصفهم بألفاظ وعبارات تخطت حدود الأدب مع الأعداء، فما بالنا نتحدث عن حليف وصديق وفي للغزاة يساعدهم بسرقة ثروات بلاده ويثني عليهم بتدمير منشآته ويصمت لكافة أنواع الإهانات والتي وصلت للنيل من أعراضهم وشرفهم، فعلاً لا ابتلاء بعد هذا، ناهيك عن العقيد الكويتي المتقاعد “فهد الشليمي” والذي كلما ظهر في مناسبة لا يتردد أن يمر على إخوان طروادة المُستعبدين في اليمن ليبصق في وجوههم مع ركله حذاء “اشتغلوا يا بني الكلب أعطيناكم فلوس وسلاح” !!..
وسيكتبها التاريخ حقاً وصدقاً وبدون مقدمات، أنه لم يحدث قط في التاريخ القديم والحاضر وربما المستقبل، أن يتجرأ الغزاة على تحقيرأ عملائه بهذا الشكل المزري للغاية والذي يمس شريحه وقاعدة شعبية بأعراضها وكرامتها، إلا بوجود قادة إخوان طروادة في اليمن وفي هذه الفترة من الزمان”
والمخدوعين قد ينفع ويستفاد من الاستدراك قبل أن تضع الحرب أوزارها، وفقط للمخدوعين ولإنقاذ ما يمكن إنقاذه، قبل الاجتثاث شعبياً، فالشعوب أقوى من الرصاص والقانون والقرارات والسياسة، والله سبحانه وتعالى غفور رحيم يقبل التوبة، أما التاريخ لا يرحم وذاكرة الشعوب “لم ولا ولن” تُمحى بالقوة القاهرة والعدوان ولا بالمال والإعلام والسلطة، ولسان حالها تاريخ مدون في الكتب والمراجع، فما بالكم بالصوت والصورة!
إذن الشعب والتاريخ سيردد جملة خالدة أزلية سرمدية ((الإخوان المسلمين التجمع اليمني للإصلاح كان حصان طروادة للعدوان والاستعمار والصهيونية في تمزيق وتدمير وبيع الوطن اليمني أرضاً وانساناً لصالح السراب والأوهام وفُتات المصلحة لأكثر من 68 عام في اليمن)) .

قد يعجبك ايضا