السور .. والنسيان
لحظة يازمن
بالمصادفة ، تقابلنا.. وجلسنا في الظلام .
بعد أن شد كل واحد منا على يد صاحبه .
لم نتبادل كلاماً .. وحتى بعد أن أسندنا ظهرينا إلى جدار السور، ونسينا السور بعد الافتراق .. لاجزم بالتحديد بالنسبة له ، أما من جانبي فإن النسيان مؤكد .
ولو ركزت.. وأجهدت الذاكرة .. فإن الجهد بلا طائل.
أين يوجد هذا السور الحجري بالطبع، ومتى كان التقائنا مصادفة .. رغم أن المقابلة العرضية كانت بالأمس .
والشيء الذي يزيد من غرابة النسيان هذا ، وطبيعة الذاكرة التي لم تعد تجمع ، أننا الاثنين.. نسكن نفس المدينة الحجرية .. ونجوب شوارعها الإسفلتية كل يوم من المحتمل أو إذا شئنا الدقة كما يردد فلاسفة القول .. أو محترفي التحليل النفسي أن ظاهرة النسيان تحدث عادة للمرضى المصابين بالانفصام .. أو السائرين في نومهم .. وقد يضيف آخر والمجانين ، وسيتعرض أحدهم .. قائلاً إلا المجانين فهم لا يغادرون الأمكنة المحددة لهم في هذه المدينة الحجرية .
وسيدلي آخر .. بإعادة حالة النسيان السريعة التي أصيب بها الاثنان أصحابنا .
إلى مظاهر الحالات المعيشية والاجتماعية .. الضاغطة على إنسان المدن الحجرية في عصر العولمة ومنطق المستقويين بالباطل على عباد الله المستضعفين في هذا الكون .
وقد تتعدد التفسيرات والآراء .. والبعض أو الكل .. أو حتى الذين لم يأتوا أو قد أتوا، ونحن لا نعلم، المهم ولا شيء يستحق الاهتمام في الحقيقة أو عكسها .
أننا وصاحبي .. رغم الجلسة .. ولنا زمن قد يطول أو يقصر .. لم نلتق أنا وصاحبي .. لم نتبادل الكلام .. كل واحد تفرج على صاحبه قليلاً .. ونهضنا .. وشدينا الأيادي .. وكل واحد راح بعد حاله .. لكنه السور الملعون .. الذي نسيناه أو أن اللعنة.