ن …والقلم.. أنا من بيت الجاكي ..

عبد الرحمن بجاش
ارتاح إذ أذهب إلى عيادة الدكتور عبدالله مسعود , أو عبدالله عبدالمجيد مسعود , وهو على أية حال سر أبيه , ومسعود الأب ترك أفضل أثر وأكثر من ذكرى , ترك سمعة من الذهب وعبدالله الذي يذكرك شكله بالفنانين , وعلى كل فالنطاسي البارع في عمله هو فنان , لكن عبدالله يذكرني بالفلاسفة , ينقصه فقط البايب , وتكتمل الصورة , وعبدالله يعاني مننا نحن الذين لا نلتزم بتعليماته , لأننا نقرأ , وعلى أي ضوء نقرأ , وهو عليه أن يعالج ويخسر قيمة الدواء أيضا !! . لدي عادة سيئة وهي ما تجعل الأولاد دائما متضايقين من الخروج معي , يتهمونني بكثرة الأصدقاء , وأنا لا أنفيها , بل أتشرف بها ,. وأسعى إلى التعرف بالناس , فلا أذهب إلى أي مكان إلا وأعود بصاحب جديد أو أكثر , آخرهم في عيادة د. عبدالله عبدالمجيد مسعود , كان ذلك الشاب قد أتى بولده لمعاينة عينيه , وجدتها فرصة لا تعاطف مع الولد وأتقرب من الأب , سألته : من أين أنت ؟ – من بيت الجاكي , وعملك ؟ – مزارع , لنتحدث طويلا , اكتشف أنهم خسروا مثلا من شق شارع المائة , ويتأكد عندي ما هو مؤكد وهي نعمة قصوى على أية حال , أن اليمني لا يزال بسيطا في أعماقه , – أتحدث عن الإنسان العادي لا أهتم بالملوثين بالذات المتعالين منهم – , وهي نعمة ما بعدها نعمة أن الإنسان العادي لم يتسيس , ولم يتمذهب , ولا يعلم عن المناطقية والطائفية إلا ما يحرضه بها الملوثين وينساها سريعا , ونعمة ما بعدها نعمة أنه برغم كل المأساة التي نعيشها فلا تزال أعماقه بخير , واهم الأسباب أنه لا يدخل ألنت , ولا يقرا المواقع السيئة المحرضة ولا الصحف , ولا يشاهد جزيرة سعيد ولا عربية حمود !!! . تحدثنا في أمور كثيرة , حتى إنني سألته : أنت مع من ؟ أجاب سريعا : ((لا تصدق أبتهم كلهم سرق)) , ((كلهم كذابين)) , وبطيبة اليمني ونقائه وأول ما أكمل الطبيب البارع معاينته لابنه , هم بالخروج لكنه لم ينس أن يودعني بالقول : (( مع السلامة يا دكتور )) , لا أدري لم كل البسطاء الطيبين بدون استثناء يطلقون لقب أو صفة الدكتور على كل ذي شعر أبيض !! , ليحلف : أسألك بالله أن تخرج عندنا ضيفنا أنت ومن معك , علقت في أعماقي سريعا بعد أن شكرته : ها هو الإنسان اليمني الحقيقي , وأردفت أحدث نفسي : هذا الذي يستحق أن نتعب من أجله وصولا إلى المستقبل الذي لن يأتي إلا عبر رؤية , لأصرخ في وجهي أمام المرآة : إننا في القرن الواحد والعشرين , ومن لا يمتلك رؤية فليدفن نفسه في الرمل !! , من سيظل يحدثنا نفس الأحاديث العقيمة فلن يبني دولة , قد يكذب على الناس بعض الوقت , لكنه لن يستطيع خداعهم طوال الوقت , ما لم يوجد مشروع فلن تستطيع أي قوة أن تستمر , لأن العالم من حولنا يتحدث بلغة الرقم , بلغة التكنولوجيا , بدون العلم والتعليم والتعلم فلا مستقبل لنا . من أجل صاحب بيت الجاكي والبسطاء من كل حدب وصوب نريدها دولة دستور وقانون يتولاها أي يمني من بيت الجاكي أو من كدرة قدس . لله الأمر من قبل ومن بعد .