النَّهدَين

 

صلاح الشامي

كانا لكلِّ دَعِيٍّ حُبِّها وَطَنـــا
أَسْتَلْهَما الضوءَ، كي تُعطيهِمُ اللَّبَـنـا
كانا يذودانِ عنهمْ كلَّ مَسغبةٍ
كي يعصروا الشعبَ جوعاً يُلهِبُ الفِتَنا
تَعَرَّيا لشعاعِ الشمسِ كي يَهَبا
ظِلّاً لكلِّ عميلٍ خاضها مِحَنا
وأشْتَيا.. كي يُنيلا الدفءَ مَن لبِسوا
عُرْيَ الجِياعِ لكي يَستَجْلِبوا المِنَنا
واستعصرا كُلَّ ذرّاتِ الندى عبثاً
فيمن أتَوا بِزُناةٍ أنضبوا اليَمَـنا
تداولوا الحَلْبَ للعادينَ، وانتهَبوا
وَجْهَ الحياءِ ليُحيُوا فيهِ ما ارتَهَنا
وأنضَبوا كلَّ خيرٍ في البِلادِ، وهُمْ
دَوماً يَنوحونَ بالحبِّ الذي شَطَنا
وحينما لاحَ وَجْهٌ لايوافقهمْ
شرعاً، أتَوا بالمَنايا تحصُدُ الوَطَنا
فَرُّوا، وقادوا ملوكَ العُهرِ سادَتَهُمْ
عليهِما، وشَرَوا بَخْساً لها ثَمَنا
وبَرَّرُوا القَصفَ والعُدوانَ، وانتظروا
عسى يَلوذانِ بالأقوى وقد هَتَنا
عَقُّوهُما، ونَسَوا حَقَّ الأُمومَةِ في
دَهرٍ مضى وهُمُ يستحلِبونَ ضَنى
كم أرخَصوا فيهِما البِرَّ الذي شربوا
منهُ الحياةَ، وكم ألظَوا بهِ المُدُنا
وحينما أدركوا أن لم يَعُدْ بهما
عَطْفٌ عليهِمْ، أتَوا بالغَزْوِ مُؤتَمَنا
كم غارَةٍ وَجَّهُوها من سفاهتِهم
عليهِما، وادَّعَوا حُبّاً بَدا إحَنا
وهاهُما لم يَعودا مِلْكَ أذرُعِهمْ
فليَعْصِفوا ما استطاعوا العَصفَ والمِحَنا
صنعاء ياصدرَ أُمِّ الحُبِّ لم تَعُديْ
للمُبْلِسينَ شَذىً، للمُعْتِمينَ سَنا
تَصحو بِكِ الأرضُ، والعادونَ قد قَطعوا
حَبْلَ الرّجاءِ بأنْ تَستَعْذِبي الخَوَنا
هانحنُ أبناؤكِ البارُّونَ يالُغَةً
أصيلَةَ الوَحْيِ نَحميْ أرضَنا اليَمَـنا
نَحميكِ مِن كُلِّ غازٍ يارُبى وطني
نَذودُ عَنكِ العِدى والغدرَ والسُّفُنا
ونَقهَرُ العُمَلاءَ الماكِرينَ، وقد
رَأَيْتِ ماحاقَ بالمَكَّارِ مُذْ دَهَنا
ولنْ تَعوديْ إلى ماخورِ مَنْ سَكَنَتْ
كُلُّ الدَّناءَةِ في أكبادِهم زَمَنـا

قد يعجبك ايضا