استأذن …واختفى !! (( الأخيرة ))
ن ………….والقلم
عبد الرحمن بجاش
لدي الكثير مما أقول ,,,لكن قواعد المهنة تقول أن الأمر تجاوزها إلى حد ما , يستدعي الأمر الحصول على مساحة أخرى لتستمر في كتابة حلقاتك وهو ليس بالمتاح . ذات صباح من العام 2003م وفي سبتمبر تحديدا , استأذن هيكل في (( الانصراف وليس الاختفاء )) , كانت مهنة الصحافة اليومية قد خسرته يوم أن ترك (( الأهرام )) , لتكسبه الكتابة , ولم يكسبه التلفزيون برغم متابعتنا لحلقاته ال (( 60 )) في الجزيرة , فلم يكن وجها تلفزيونيا كصحفي , هو خلق لما خلق من أجله (( صحفي جريدة )) , كانت أساريره تتفتح حين يسمعها (( هيكل جورنالجي )) , ولو قمنا بجرده حساب جزئية فسنجد أنه كتب (( 771 )) مقالا (( بصراحة )) منها (( 16 )) في الشأن اليمني !! – استقيت المعلومة من الصديق الابن العزيز لطفي نعمان – , وهيكل أبو المعلومة وصنوها , فمكتبة العامر كان يضج بالمعلومات , وكانت (( نوال المحلاوي )) من تجمعها وتقدمها , وخرجت معه من الأهرام وظلت معه في مكتبه الكائن أمام شقته والذي كان يهب إليه بكامل رسميته ان صح التعبير احتراما لما أشاده طوال الأعوام التي بدأها صحفيا من العام 42 إلى أن ترك الأهرام إلى أن انصرف إلى أن توفي !! , كان يبحث عن المعلومة التي يذهب من أجلها إلى لندن حين يحين الإفراج عن وثائق الحكومة البريطانية التي تخرج قانونا بعد 30 عاما ومثلها في أمريكا ربما بعد الـ 60 عاما , كان يحرص على المرور إلى متجر قديم يبيع الوثائق النادرة , كان الرجل يعرف ما يشتري !! , كان أيضا يدرك أهمية الأرشفة والتوثيق , ويبدو لي أن الحريق الذي التهم مزرعته أبان أحداث 2011م لم يلتهم كنوزه , يقيني أنها في خزنة ما في أوروبا نظرا لحرصه , من يخرجها إلى العلن !! هنا السؤال ؟؟ ومتى ؟؟ هل نظم هيكل الأمر قانونا مثل قوانين الوثائق في الغرب ؟؟ . رحلة الشتاء والصيف التي كان يحرص عليها إلى عواصم القرار لم تكن عبثا , فتخيل أن يذهب صحفي فقط لمقابلة ميتران في فرنسا , وروكفلر أبو البنوك في أمريكا , والى إيران شد الرحال ذات لحظة ملتهبة لير كصحفي توابع الزلزال , وعلى الصعيد الإنساني فبرقيته إلى نصرالله باستشهاد ابنه (( هادي )) آيه في الأسلوب , بل هي قطعة أدبية , أسلوب يتميز به هيكل ويجعلك تسقط أنت والكتاب الذي تقرؤه له أعجابا واندماجا بلغة وأسلوب تفرد بهما , ويتميز أنيس منصور بأسلوب بديع في الكتابة لكنة لم يرتقي صحفيا إلى مستوى هيكل برغم أن السادات بكل ثقله كان وراءه , هنا سر هيكل في أنه موهبة صحفية , لا يحمل شهادتها الجامعية ولم يردها , كان دبلوم (( الصنائع )) أقصى ما وصل إليه بعد الثانوية , لكنة وصل إلى القمة مهنيا , هنا السر في الصحافة (( الموهبة )) و (( الاستعداد )) , فالجامعة لا يمكن لها أن تخرج صحفيا , وأن كانت الدراسة مهمة !! . بين 42 البداية , والاستئذان بالانصراف العام 2003م والاستئذان بالاختفاء العام 2016م سفر من المجد المهني اسمه هيكل , وأنا هنا عبدالرحمن بجاش بكل تواضع أوقف عن السفر في عالم اسمه هيكل , إذ أن بين الثرى والثريا مسافة شاسعة , لكننا نتعلم من أمثال هيكل , ويمكن لأي منا أن يكونه بما يناسب اللحظة … رحمه الله , ولله الأمر من قبل ومن بعد .