*هل يستعد السياسيون لاقتصاد ما بعد الحرب العدوانية
الثورة/أحمد الطيار
قال الخبير الاقتصادي نبيل الطيري إن اليمن سيكون بحاجة إلى 16 عاما من النمو للناتج المحلي الإجمالي عند نسبة 5% على الأقل إذ أراد تجاوز الآثار السلبية الكارثية للحرب التي تقودها السعودية على اليمن.
وقال الطيري في بحث علمي جديد حول تأثير الصراع على الوضع الاقتصادي والاجتماعي وآلية التخطيط الاقتصادي في ضوء نهج التنمية الحساس للصراع إن الحرب خلفت آثاراً كارثية على كل من الاقتصاد والمجتمع اليمني دون شك ولها تداعيات وآثار مستقبلية في القريب العاجل وعلى المستوى البعيد.
وبين أن الاقتصاد اليمني دخل في انكماش بنسبة 15.1% عام 2011م فيما يخص الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الثابتة فيما تمكن من تحقيق نمو بسيط بنسبة 2.2% عام 2012م وحوالي 3.2% عام 2013م ،أما في عام 2014م فانكمش إلى 12.8%سالبا وفي عام 2015م حقق انكماشا بلغ 34.7% بالسالب.
مقدرا الخسائر الاقتصادية للاقتصاد الوطني بحوالي 40 مليار دولار على الأقل، معتبرا أن خسائر الناتج المحلي الإجمالي مجرد جزء من الخسائر الاقتصادية . ولكن ثمة عنصراً آخر مهماً يتمثل في أثر العدوان والنزاع على مخزون الرأس والذي يتكون من ثلاثة مكونات، هي التراجع في صافي الاستثمارات، مخزون رأس المال المعطل، مخزون رأس المال المدمر جزئياً أو كلياً إذ تحتاج هذه إلى دراسات مستفيضة ومتخصصة لدراستها. ويتطلب الأمر دراسة أوسع على مستوى القطاعات الاقتصادية والقطاع العام والقطاع الخاص.
مبينا أن الناتج المحلي الجاري يفترض في الوضع الجاري الاستمراري عند حدود 8 تريليونات و715 مليار ريال لكنه وصل وفقا لتقديرات أولية إلى 5 تريليونات و697 مليار ريال.
ويشرح الخبير الطيري كيف أدى الأثر الكارثي للحرب على الدخل والتعليم والصحة إذ تقهقر سجل اليمن في التنمية البشرية، وتبين النتائج أن مؤشر التنمية البشرية في اليمن قد خسر 34% من قيمته كمؤشر مقارنة 2013م.
ويقول على الرغم من أنه في فترة ما بعد الحرب سيكون هناك ودون أدنى شك حشد كبير للموارد الرأسمالية على المستويين المحلي والدولي في مسعى لإعادة تأهيل الأسس الاجتماعية والسياسية والاقتصادية للبلاد وترسيخ هذه الأسس، إلا أن حجم التراجع في مؤشر التنمية البشرية هو دليل على مدى جسامة المهمة المنتظرة مستقبلا وضخامتها.
أولويات التنمية
في المحور الاقتصادي يحتل الحد من تدهور سبل المعيشة المرتبة الأولى يليه الحد من تدهور المالية ثم الحد من تدهور العملة الوطنية وعدم تزايد التضخم وتأمين استيراد السلع الأساسية والوقود والحد من تدهور بيئة الأعمال والمنشآت الصغيرة.
أما في المحور الاجتماعي فيجب التخفيف من حدة انعدام الأمن الغذائي وتوفير المساعدات للحالات القصوى وتوفير دعم للموازنة الاجتماعية والنفقات الحتمية وتوفير المياه وخدمات الصرف الصحي وإدارة المخلفات الصلبة للمناطق شديدة الاحتياج ومخيمات النازحين.. وفي المحور التنموي يرى الباحث وجوب. فيجب تحييد مشاريع البنية التحتية والخدمات الأساسية وتقديم الخدمات الصحية الأولية والأساسية للحالات القصوى بحسب الأهمية لتشمل الأوبئة، المصابين وضحايا الحرب ،الأطفال ،النساء ،واستيعاب الأطفال في خدمات التعليم وفق حلول مؤقتة وعملية للمناطق المتضررة وحماية المؤسسات التعليمية والصحية.
في المجال الاقتصادي يجب تحقيق الاستقرار الاقتصادي والسلم والأمن الاجتماعي وتحقيق استدامة المالية العامة وتحقيق الاستقرار النقدي وتعزيز الثقة بالعملة الوطنية وتخفيض الأسعار وتحقيق استقرار القطاع الخارجي وتحسين بيئة الأعمال وتوفير بيئة مناسبة للاستثمار.
وفي المحور الاجتماعي ضرورة تلبية الاحتياجات الإنسانية من خلال مساعدة وتعويض أسر الشهداء وعلاج الجرحى. وإغاثة النازحين المحليين واللاجئين، صرف مستحقات الرعاية الاجتماعية للفقراء بصورة منتظمة، وتوسيع الحماية الاجتماعية والتخفيف من الفقر ،وتحقيق الأمن الغذائي
وفي المحور التنموي أيضاً يجب تنفيذ برنامج إعادة الإعمار، وإعادة بناء وإصلاح مؤسسة الجيش والأمن، وبسط سيطرة الدولة على كافة المناطق، وحصر حيازة الأسلحة الثقيلة والمتوسطة على الدولة، وتحسين جودة الخدمات الصحية والتعليمية وشموليتها ،تحقيق المواءمة بين مخرجات التعليم العالي ومتطلبات التنمية وسوق العمل.
وحث الخبير الاقتصادي الطيري على ضرورة تضافر الجهود حول محاولة رسم نهج تخطيط التنمية من أجل السلام والعدالة والتنمية الاجتماعية والاقتصادية في اليمن ، الاستفادة من نجاحات التجارب الحديثة لبلدان مجاورة وتجارب عالمية وتفادي إخفاقاتها من أجل الوصول إلى تحقيق السلام والعدالة أولاً ، والعمل على وضع وتطبيق خطط واستراتيجيات فعالة للمصالحة الوطنية وإعادة الأعمار بهدف الوصول إلى التنمية الاجتماعية والاقتصادية في اليمن.
على أن المصاعب التي واجهت اليمن ومازالت هي نفسها التي تواجه خطط التنمية في السلم وتتمثل في ضعف التمويل وشحة الموارد المالية وتحديات استدامة المالية العامة وضعف تطبيق معايير الحكم الرشيد وإهدار المال العام وضعف القدرة الاستيعابية للمنح والمساعدات الخارجية والبطء في تخصيص تعهدات المانحين واخفاقات في التخطيط كغياب معيار الأخذ بالأولويات عند انتقاء التدخلات الإنسانية وغياب معيار التكامل بين السياسات والتدخلات الإنسانية وهيمنة التخطيط المركزي وضعف القدرات المؤسسية لدى المحليات وضعف البيانات والإحصاءات وغيابها في أحيان كثيرة.
وتسهم إخفاقات في التنفيذ المتمثلة في ضعف التنسيق وضعف آليات الرقابة والتقييم وتدني مستوى كفاءة الكوادر البشرية وغياب التحديد الواضح لوظائف مؤسسات الدولة وضعف استدامة التدخلات المنفذة.