إذا كان ملك السعودية يرفض التدخل في شؤون الآخرين فماذا نسمي الحرب على اليمن ودعم المسلحين في سوريا؟!

الإعلامي العربي البارز عبدالباري عطوان:

 

استغرب رئيس تحرير صحيفة (رأي اليوم) الإعلامي عبد الباري عطوان المنطق الذي تحدث به ملك السعودية سلمان بأن المملكة لا تتدخل في شؤون الآخرين في الوقت الذي يشن فيه حرباً على اليمن ويدعم المسلحين في سوريا ويستضيف مقرهم ويستعد لإرسال قوات إلى الأراضي السورية .. محذراً بالقول : هذا الهوس ستدفع الشعوب العربية والشعب السعودي أيضاً ثمنه الأكبر والأيام بيننا.
وقال الصحفي الفلسطيني البارز في مقال على صدر صحيفته الإلكترونية: إن العاهل السعودي أعلن الأحد أثناء استقباله ضيوف مهرجان الجنادرية أن “السعودية لا تتدخل في شؤون الآخرين، ومن حقها الدفاع عن نفسها، ونطالب الآخرين بعدم التدخل في شئوننا”.. وأضاف أن “كلام العاهل السعودي هذا يأتي في وقت تستعد فيه بلاده لإرسال 150 ألف جندي إلى سورية، وتجري مناورات عسكرية مع دول أخرى مثل مصر والسودان استعدادا لهذا التدخل، تحت اسم (رعد الشمال) وتخوض حربا في اليمن، ومن المتوقع أن تكون تركيا البوابة لدخول هذه القوات إلى الأراضي السورية”.
وتابع قائلاً “واللافت من كل ما تقدم، أن العاهل السعودي يؤكد أن بلاده لا تتدخل في شؤون الآخرين وتطالبهم بعدم التدخل في شئونها، فإذا كان هذا التدخل العسكري الوشيك، وخمس سنوات من دعم المعارضة السورية المسلحة عسكرياً ومالياً، واستضافة مقرها في مدينة الرياض، وخوض حرب في اليمن ومقتل 10 آلاف من أبنائه، لا يعتبر تدخلاً، فما هو التدخل إذاً؟ أفيدونا.. أفادكم الله”.
وأوضح عطوان أن “الهدف الرئيسي المعلن لهذا التدخل، هو القضاء على تنظيم (الدولة الإسلامية) ولكن الهدف الحقيقي غير المعلن، هو تعزيز ومساندة قوات المعارضة السورية المسلحة في قتالها لإسقاط النظام في دمشق، وتغيير موازين القوى على الأرض، بعد التقدم الكبير الذي حققته قوات الجيش العربي السوري في ريف حلب الشمالي والشرقي وفي محافظة درعا جنوبا بغطاء من الطيران الروسي”.
وأكد أن “السعودية باتت تعيش هذه الايام حالة من الهوس على صعيدين: الأول، تجنب أي هزيمة سياسية أو معنوية في سورية، والثأر من النظام الحاكم بعد أن استثمرت المليارات وخمس سنوات من الجهود السياسية والعسكرية لإطاحته والثاني تشكيل تحالفات سياسية وعسكرية (سنية) في مواجهة (المحور الإيراني)” .
وبين رئيس تحرير (رأي اليوم): إن إرسال قوات سعودية وتركية وخليجية إلى سورية يأتي في إطار خطة أمريكية محكمة، أعلن عنها السناتور لينزي غراهام في مؤتمر صحافي في سبتمبر الماضي، عندما قال أن الاستعدادات تجري لدخول 100 ألف مقاتل إلى سورية لمحاربة (الدولة الإسلامية) 90 ألفاً منها من دول عربية، أما الـ 10 آلاف الباقية فستكون أمريكية وغربية.
ولفت إلى ما توقعته مصادر سعودية بان يبدأ هذا التدخل العسكري الشهر المقبل، ومن غير المستبعد أن تكون الأردن احد بواباته، إلى جانب البوابة التركية، باعتبار أن المسافة بين حدود الأردن والعاصمة دمشق لا تزيد عن 90 كيلومتراً.
قال الإعلامي عطوان “لا نعرف ما إذا كان من الحكمة، وحسب القواعد العسكرية المعروفة، الدخول في حربين، واحدة في اليمن، والثانية في سورية في الوقت نفسه، ودون حسم الأولى، مثلما تفعل القيادة السعودية”.. وأضاف متسائلاً “هل ستنجح القوات السعودية وحلفاؤها، مثلما يروج خبراؤها في دخول صنعاء مع نهاية هذا الشهر وإذا نجحت هل ستسيطر عليها وتفرض الأمن وتنهي الحرب؟ وبما يمكن القوات السعودية وطائرات “عاصفة الحزم” للتفرغ للجبهة الجدية في سورية؟”.
وتابع :” كما ونتساءل في الوقت نفسه عما إذا كانت السعودية دولة عظمى ثالثة ونحن لا نعلم؟ وأين كانت هذه العزيمة القتالية طوال 60 عاماً من الحروب العربية ضد الاحتلال الإسرائيلي؟”.
واعتبر رئيس تحرير صحيفة (القدس العربي) السابق أن القيادة السعودية في حال من الاندفاع الثأري غير المسبوق، ومحفوف بالمخاطر، وأبرزها السقوط في حفرة حرب من الصعب ان تخرج منها”.
وتساءل في هذا الصدد قائلاً :”فاذا كان التورط في حرب اليمن، البلد الفقير دخلت شهرها الـ 11 دون أي (حسم أو حزم)، فكيف سيكون الحال عندما تواجه هذه القوات السعودية الطائرات الروسية الحديثة، وجيش سوري تمرس في حرب عصابات، وأخرى تقليدية لأكثر من خمس سنوات، ويمتلك أسلحة روسية حديثة، ويحظى بدعم إيران وروسيا وحزب الله؟”.
كما أشار إلى ما قاله الصحافي الأمريكي توماس فريدمان في لقاء مصور على موقع الصحيفة (نيويورك تايمز) بعد عودته من الرياض قبل شهرين بـ “أن أكثر ما يخافه المسئوولون السعوديون الذين التقيتهم هو هجوم الدولة الإسلامية على إسرائيل لأن هذا يعني انهيار التحالف السني الذي يريدون إقامته، وانهيار استراتيجيتهم”.
ولفت إلى أن فريدمان أكد بأن المسئوولين السعوديين الذين التقاهم (محمد بن نايف ومحمد بن سلمان) لم يذكروا كلمة الصراع العربي – الإسرائيلي، ولو مرة واحدة، وتحدثوا عن وجود 200 ألف مبتعث سعودي في الجامعات الأمريكية والأوروبية يعود منهم 20 ألفاً سنوياً، يمكن أن يشكلوا خطراً من نوع آخر.
وأكد عبدالباري عطوان قائلاً “إن ما نستخلصه من أقوال الكاتب فريدمان الذي اتهم السعودية بأنها اخطر من إيران لتصديرها الإرهاب الوهابي إلى العالم، أن السعودية إذا حاربت الدولة الإسلامية وقضت عليها فمن اجل إزالة أي أخطار يمكن أن تهدد المملكة وإسرائيل معاً”.
وختم رئيس تحرير صحيفة (رأي اليوم) مقاله بالقول “أيامنا المقبلة صعبة جداً.. ودموية جداً.. وحروب مفتوحة على كل الاحتمالات.. وشعوبنا، ومن ضمنها الشعب السعودي أيضاً سيدفع الثمن الأكبر من دمائها وأرواحها وثرواتها، ووحدتها الترابية، نقولها والمرارة في حلوقنا.. والأيام بيننا”.

قد يعجبك ايضا