الثروات والكنوز الحضارية والمدن التاريخية في محافظة ذمار-مديرية عتمة (الحلقة الأولى):
إعداد/محمد محمد عبدالله العرشي
أخي القارئ الكريم…يسرني في هذا المقال أنه أقدم لك تعريفاً بعالم يمني بارز من أعلام اليمن خصوصاً والعالم العربي والإسلامي عموماً؛ هو القاضي العلامة المرحوم محمد بن محمد بن عبدالجبار السماوي، مؤلف كتاب (الموسوعة العربية في الألفاظ الضدية والشذرات اللغوية) بإجزاءه التسعة الذي أحتوتها ثلاثة مجلدات، وهو من إصدارات وزارة الثقافة والسياحة، وقد أثنى الدكتور عبدالعزيز المقالح – أطال الله عمره – على هذا الكتاب، وقدم التهنئة للشعب اليمني (الذي يتعرض للعدوان) بصدوره..
في القرن العشرين ظهر نابغة على مستوى العالم العربي والإسلامي، ولا شك أن القاضي المرحوم محمد بن محمد عبدالجبار السماوي هو فيروزآبادي اليمن المعاصر الذي تفوق على نفسه وتفوق على جميع علماء اللغة العربي في عالمنا المعاصر.
وإني أقدم النصيحة لشبابنا أن يسارعوا إلى اقتناء كتاب (الموسوعة العربية في الألفاظ الضدية والشذرات اللغوية) فسيجد موسوعة عربية رائعة..
مديرية عتمة
عتمة: العُتُم بضم العين والتاء، تعني اسم نبات “شجر الزيتون البري”، وعُتمة تعني ظلمة الليل؛ لذلك فاسم عتمة ارتبط بالظلمة وبالزيتون البري، وهما صفتان من صفات منطقة عتمة، فالسحب البركانية وأشجار الزيتون البري أكسب هذه المنطقة صفة الظلمة.
تقع في محافظة ذمار جنوب غرب مدينة ذمار بنحو 52كم، يحدها من الشمال مديريتا المنار وجبل الشرق، ومحافظة ريمة (مديرية السلفية)، ومن الجنوب محافظة إب (مديرية القفر)، ومديرية وصاب العالي، ومن الشرق مديريتا: مغرب عنس والقفر، ومن الغرب محافظة ريمة (مديريتا مزهر والسلفية). تبلغ مساحتها 449كم2، وتتكون من العزل التالية: بروة: (جبل في عتمة غربي مدينة ذمار، يُطِلّ على واديد رماع وبني شيبه، ويشكل في أعماله مركزاً إدارياً)، بني أسد: (قبيلة ومركز إداري في جبل عتمه، غربي ذمار. أفاد الحجري أنهم يرجعون في نسبهم إلى قبائل سفيان. وقد كانت منطقتهم تُعرف باسم “قلعة الحَقَّيبه” وهي قلعة أثرية حصينة، وقمتها مسطحة تتوافر فيها المياه)، بني البحري: (مركز إداري من مديرية عتمة في غربي مدينة ذمار ومن أعمالها. فيه من القرى: التالبي، حصن عاطف، عَريجه، الهجره، الدار، الميهال. ومشائخ بني بحر هم آل السمحي.)، بني بعيث، بني حسين، بني رفيع: (مركز إداري من مديرية عتمة وأعمال ذمار، يشمل من القرى: الزهرة، عدانة، عساق، المعازب، الحُوَف، العباصي، وفيه مزارع وأملاك لبني معوضة.)، بني الزكري، بني سويد، بني عبدالصمد، بني العراس، بني عيوة، بني الغريب، بني غُصين: (بضم ففتح فسكون. مركز إداري من مديرية عتمة. يقع بالقرب من بلدة سماه وبه خامات الفضة.)، بني مرتد، التام، تهيجر: (مركز إداري من مديرية عتمة في غربي ذمار. فيها خرائب أثرية وقرى ومزارع وحصون.)، الثلث: (مركز إداري من مديرية عتمة. وهو في منطقة جبلية ومن بين قراه: الجُبجُب، العَترَه، الصَرحَه.)، جرفة، حلمة وبني أيوب: (حلمه: بفتحات بلدة ومركز إداري من أعمال عتمه. تشتهر بزراعة البن والموز والمنجه. وبنو أيوب: بلدة ومركز إداري من مديرية عتمة. تقع بجوار قرية حلمه في منطقة تشتهر بزراعة البن والموز والمنجه.)، حميرا بزار، الحوادث، حويز، الذراع، الربيعة، ربيعة بني بحر: (مركز إداري من مديرية عتمة. وهو يشمل منطقة واسعة تزرع أنواع الحبوب.)، رصب: (بلدة وقلعة في جبل سماه من مديرية عتمة. وهي مساكن آل الغابري.)، السفل السلف، الشرفي، الشرم السافل، الشرم العالي: (جبل ومركز إداري في عتمة. فيه المشائخ آل معوضة.)، الشعوب، الشقر وظلمان: (ظَلُمان: قريتان في عتمة غربي ذمار، ظلمان العالي والسافل.)، ضورة: (جبل ومركز إداري في عتمة بالغرب من ذمار. من بلدانه: حَصَب، الشرف، الأشعور، المعاين، السهلة، الحفر. وهو من ذوات الآثار وفيه كرف للماء.)، العقد السافل، العقد العالي، على الشرقي، على الغربي، عمر، الغربي والطفني، الغربي والفجرة، القبل: (بفتحات: مركز إداري من مديرية عتمه. يقع أعلى جبل يُطِل على الوادي المزروع بأشجار البن. ومن ساكنيه آل الصمعدي. كما يعد من الأماكن الأثرية وفيه حصن قديم.)، القحصه: (بفتح فسكون ففتح. مركز إداري من مديرية عتمة. يقع بالقرب من منطقة حمير الوسط. وإليه ينسب آل القحصة المنحدرون من أولاد الحسن ابن الإمام حمزة بن أبي هاشم الحسن بن عبدالرحمن بن يحيى بن عبدالله بن الحسين بن القاسم بن إبراهيم بن إسماعيل بن إبراهيم بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب.)، القشب، القعد، كبيرة، اللكمة، المصانع: (جبل ومركز إداري من مديرية عتمة، يضم مجموعة قرى صغيرة منها: يَنَع، أجُله، الصَّافيه، الخَزَجَه، المَحَلّ، المَوكف، الخَطَّابيه، وغيرها.)، المطبابة: (بكسر الميم. جبل ووادٍ في عتمة من أعمال ذمار. بهما العديد من القرى، منها: وَقَاش، العرَّة، حُصن الذاهبي، جبل حبران، سوق الأحد، المرابض، سيلة همدان، المعين، سَبد، دار سِحيم، المصنعه، الحبله، بيت الولي، الدّار، وغير ذلك. وإلى هذه المنطقة يُنسب مشائخ عتمة: آل المِطبَابَه.)، المقنزعة: (مركز إداري من مديرية عتمة. من بين قراه: الأباره، الأجواس، نقيل بن عُباد، مسجف، الأشعاب، جبل الحرازي، القوز، شظوف، سلفه، النياح، المسانيف، كُمَّة فلاح، بيت الحَجَنه، بيت الخمري، المشراح، العارضه، جبل هاشم، جبل مُري، الحربه، وغير ذلك.)، المقرانة: (جبل في عتمه، فيه حروث ومزارع وعدد من القرى التي تشكل في أعمالها مركزاً إدارياً من مديرية عتمة. ومن هذه القرى: الشرف، المحاقرة، المدهونة، يَند، الصُوله، الذَبُوب، قراهد، المعزبه، عرنون، المقواري، وغيرها من المناطق التي لا تخلو من آثار قديمة، وكان الهمداني قد أورد هذا الجبل باسم: وَرَف.)، الناصفة، النوبتين: (بالتثنية. مركز إداري من مديرية عتمة. يشمل جملة قرى منها: عرون، والحُصن، والقصبه، وبيت الفلاحي، وغيرها.)، الهادلة: (مركز إداري من مديرية عتمة. منه قرية اليفاعي وقرية الزيله.)، هجاره: (مركز إداري من مديرية عتمة. فيه قرية تحمل ذات الاسم. وهو بالجنوب الشرقي من مدينة يريم بمسافة 34كم.)، يفاعة: (مركز إداري من مديرية عتمة، في غربي ذمار ومن أعمالها. يشمل من القرى: يفاعه، نوشان، القاهره، الظفير، الكوله، المقداح، الحصن.).
ويبلغ عدد سكان مديرية عتمة 145.284نسمة وذلك بحسب نتائج التعداد العام للسكان والمساكن والمنشأت للعام 2004م..
وتقع مديرية عتمة ضمن الامتداد الطبيعي لسلسلة جبال السراة، وبالتحديد تقع بين خطي طول ( 43,50ْ – 44.50ْ)، وعرض ( 14.21ْ – 14,35ْ)، وتبعد عن مركز المحافظة غرباً حوالي (55كم) تقريباً، وبمسافة جوية حوالي (39كم)، كما تبعد عن العاصمة صنعاء جنوباً حوالي (102كم) مسافة جوية.
وتتكون عتمة من تضاريس مختلفة فنجد الجبال، والأودية، والهضاب وغيرها، فالقسم الغربي من المديرية عبارة عن ارتفاع حاد باتجاه سلسلة المنحدرات الغربية التي تقع ما بين (2600 – 2800م) عن مستوى سطح البحر المطلة على سهل تهامة والبحر الأحمر.وقيعان أودية عتمة ترتفع عن سطح البحر حوالي (920م).
وتعتبر مديرية عتمة من المناطق ذات نسبة عالية لهطول الأمطار، حيث يتراوح الهطول المطري منها ما بين (750-800م) في العام، وتسقط أغلب الأمطار في فترات الربيع والصيف والخريف، وأكثر مياه عتمـة تسيل في رماع، ويمر وادي رمـاع من شمالي عتمة، وينفذ إلى ما بين وصاب وريمة ثم إلى تهامة،ومنها ما يسيل جنوباً إلى قفر حاشد، ويتصل بوادي زبيد. وتتميز مديرية عتمة بمناخ معتدل صيفاً بارد شتاءً، وتتكون السحب الدخانية الكثيفة (الضباب) أثناء فصل الشتاء، وقد تصاحبها زخـات من المطر الخفيف..
وعتمة مديرية كبيرة من مديريات محافظة ذمار. وهي عبارة عن جبال شاهقة تغطيها المدرجات الزراعية والمراعي والغابات، وتتخللها الكثير من الوديان و الهضاب الزراعية ومسيلات المياه التي تصب في وادي رماع ووادي زبيد.
وقد كتب الشاعر الكبير المرحوم سليمان العيسى عن عتمة قائلاً:
يطيب الشعر في عتمه
وأنت تصافح القمة
وتشرد نسمة عذراء
تملأ صدرك النسمه
منازلها وكور النسر
تهوى فوقها النجمه
وتلثمها لتتركها
على أوتارنا نغمة
نعود إليك ذات ضحى
وينسى همنا همه
المعالم التاريخية والأثرية في مديرية عتمة
تعتبر مديرية عتمة أحد المسارح التاريخية التي دارت فيها أحداث منذ فترة ما قبل الإسلام،فقد أشار”الهمداني” في كتابه “صفة جزيرة العرب” إلى: “أن عتمة مخلاف واسع خصب التربة عظيم المنتجات، وقد ألحقه بيحصب العلو”، وذكر أيضاً فيه ورف، وقال إنه جبل فيه حروث ومزارع وقرى مندثرة، ويسمى اليوم المقرانة، وهي من ضمن مخلاف عتمة، وفي ورف آثار حميرية، وفي العصر الإسلامي أشار “عبد الرحمن بن الديبع” في كتابه “قرة العيون بأخبار اليمن الميمون” إلى : “ملوك عتمة بنو العتمي الحميريون والشراحيون ملوك وصاب والذين أزال ملكهم الصليحيون في سنة (455هجرية)، وفـي عصر الدولـة الرسولية تسلم المنصور سـنة (641 هجرية) حصن سماه، وقال: “التاج بن العطار” في ذلك:
مـا سماء الدنيا على بن علي
ببعيـد فكيف حصن سماوه
ملك يومـه لفتــح مبـين
في الأعادي وليلة في تلاوه
وسماوه هنا يعني بها سماه ، وهو الحصن المشهور وهو نفس مخلاف سماه المعروف والمشهورفي مديرية عتمة، وإليه ينسب بني السماوي من بيوت العلم باليمن.
تنتشر في مديرية عتمة العديد من المعالم التاريخية والأثرية، ومن أهم هذه المعالم التالي:
الحصون التاريخية : وقد تميزت منطقة عتمة بقمم جبالها الشامخة والعالية بل والشاهقة في الارتفاع، وفي هذه القمم يوجد العديد من الحصون التاريخية المشيدة عليها والتي تمثل حماية طبيعية للمنطقة،ويعود تشييد تلك القلاع والحصون إلى فترات تاريخية مختلفة، فبني عدد منها على أنقاض حصون حميريـة قديمـة مثل: حصن يفاعة الذي أنشئ على أنقاض حصن “حميري” قديم استعملت حجارة الحصن القديم المنحوتة في بناء الحصن الجديد، وعدد آخر منها يعود إلى فترة الحملات العثمانية المتعاقبة أو تعود إلى عصر الدويلات الإسلامية في اليمن في صراعها فيما بينها.. كما تتميز هذه الحصون والقلاع بمواقعها المطلة على عدد من القرى الجميلة وعلى سهول تهامة الواسعة. ومن أشهر تلك القلاع والحصون:
قلعة بني أسد وكانت تعرف بحصن الحقيبة في عزلة بني أسد.
حصن الشرم لبني معوضة.
قلعة سماه في عزلة علي الشرقي.
حصن بومة عزلة بني البحر.
حصن النبوتين عزلة النبوتين.
حصن يفاعة في عزلة بني البحر.
حصن حيدر عزلة بني سويد.
قلعة الذاهبي عزلة المطبابة.
حصن الحصين في عزلة الأتام.
حصن المنظوف عزلة السفل.
حصن المقنزعة عزلة المقنزعة.
حصن الصنعة عزلة المطبابة.
حصن الذهب الناطق عزلة حمير أبزار.
حصن الحلبة عزلة بني الغريب.
المساجد التاريخية: تنتشر العديد من المساجد التاريخية في عزل المديرية ومنها على سبيل المثال “جامع الحقيبة في عزلة بني أسد من مخلاف رازح”، و”جامع الجوقة في عزلة الجوقة من مخلاف بني بحر”. وتعتبر غالبية المساجد في مديرية عتمة من المساجد القديمة والتي يعود بناؤها إلى فترات تاريخية قديمة.
الأضرحـة:عرفت اليمن الأضرحة الخشبية منذ مطلع (القرن السابع الهجري) ويعتبر ضريح “المطهر محمد الجرموزي” من أهمها إذ أنه يحتوي على تاريخ أقرب إلى الواقع مقارنة بغيره، شُيد الضريح بتاريخ 20 ذي الحجة1076هـ. وتنتشر العديد من الأضرحة والقباب للأولياء والصالحين، وعلى سبيل المثال “الحميضة، الشرم السافل، وهجرة المحروم” وغيرها، وهي عبارة عن توابيت خشبية مزدانة بزخارف قوامها أشرطة نباتية وكتابية وأشكال هندسية جميعها منفذة على الخشب بطريقة الحفر الغائر، ولازال عدد من الأضرحة قائماً وبحالة جيدة. ويعتبر ضريح ومسجد الجرموزي من أهم الأضرحة في المديرية في هجرة المحروم من مخلاف سماه، وقد زين الضريح بزخارف كتابية من جوانبه الأربعة تشير إلى تاريخ مولد صاحب الضريح وهو في شهر محرم سنة تسع وألف هجرية، كما دون تاريخ وفاته في عشرين من شهر الحجة سنة ستة وسبعين وألف هجرية، والضريح عبارة عن تابوت خشبي مزدان بزخارف قوامها أشرطة نباتية وكتابية وأشكال هندسية جميعها منفذة على الخشب بطريقة الحفر الغائر، ويغطي الضريح قبة أقام بناءها عبدالرحمن بن مطهر سنة 1090هجرية وهو ابن صاحب الضريح ثم تحول الضريح إلى مسجد أما المسجد القديم الذي يوجد الآن خارج الضريح كان في الأصل مسجد القرية بناه الشيخ مطهر حسبما هو مدون في الألواح الخشبية لسقف المسجد، إبتداء إعماره في العشرة الأولى من شهر شعبان سنة خمسة وستين والف هجرية وهو الأن مسجد للنساء.
من المراجع التي رجعنا إليها في إعدادنا لهذا المقال: (الموسوعة اليمنية)، (الموسوعة السكانية/ للدكتور محمد علي عثمان المخلافي)، (نتائج المسح السياحي)، (نتائج التعداد العام للسكان والمساكن والمنشأت للعام 2004م)، (معالم الآثار اليمنية/ للقاضي المرحوم حسين السياغي)، (مجموع بلدان اليمن وقبائلها/ للمرحوم القاضي محمد أحمد الحجري)، (معجم البلدان والقبائل اليمنية/للباحث الكبير الأستاذ/ إبراهيم بن أحمد المقحفي/ طبعة2011م)، (صفة جزيرة العرب/ للهمداني/ تحقيق القاضي المرحوم محمد علي الأكوع)،(هجر العلم ومعاقله في اليمن/ القاضي إسماعيل بن علي الأكوع)، (اليمن الكبرى/ حسين بن علي الويسي/ الطبعة الثانية 1991م)، (موسوعة للقلاع والحصون في اليمن “تحت الطبع”/ للأستاذ الباحث أحمد الغراسي).