علاقات مشبوهة بين ممالك الإرهاب وفرنسا

هدف باريس من بيع أسلحتها للرياض

 

بقلم: جان جينيل
شهد العام 2015 ارتفاعاً كبيراً في مجال بيع الأسلحة في الفضاء الفرنسي حيث بلغ إجمالي مبيعات الأسلحة خلال العام المنصرم ما يقرب من 16 مليار يورو فهذا الرقم اعُتبر قياسياً بالمقارنة مع الأعوام السابقة حيث سجلت مبيعات الأسلحة ما يقرب من 8,4 مليار يورو في العام 2014 بينما بلغ إجمالي بيع الأسلحة في العام 2012 ما بقرب من 4,8 مليار يورو، فهذه الأرقام تعني أن العام 2015 تُوج ملكاً بدون منازع على عرش بيع الأسلحة في باريس حيث ارتفعت مبيعات بيع الأسلحة أربعه أضعاف عما كانت عليه في الأعوام السابقة.
أبرمت جمهورية فرنسا العديد من صفقات بيع الأسلحة منها صفقة بيع طائرات حربية من طراز “رافال” للهند و صفقة اخرى شملت بيع غواصات حربية إلى استراليا وهكذا وجدت فرنسا نفسها منافس قوى و رئيسي امام اليابان في مجال بيع الأسلحة و الآن فهي تتضرع على امل أن تستمر في هذا الاتجاه.
شهدت باريس خلال السنوات العشر ما بين العام 1970 و العام 1980 صفقات بيع كميات من المواد للمملكة العربية السعودية بيد أن هذا العمل لم يلاق أي ترحيب في ذلك الوقت.
تشهد العلاقات الفرنسية السعودية توتر طفيف مع وزير الدفاع و النائب الأول لولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان آل سعود, ولكن بفضل الناطق بالفرنسية الجنرال السعودي احمد عسيري الذي تخرج من المدرسة الفرنسية للتعليم العالي العسكري – سان سير – اجتازت الرياض هذا التوتر مع الجانب الفرنسي بالرغم من كون الجنرال العسيري لا يمثل أي ثقل سياسي فعال.
وبشكل عام فإن العلاقات الثنائية بين البلدين في أوج تألقها حيث يبقى الأمل موصولاً بالنسبة لتجار السلاح.
دبابات لوكلير
تداولت العديد من الصحف الفرنسية في الاونة الأخيرة خبر أوردته وكاله الأنباء الفرنسية فرانس برس بشأن بيع دبابات لوكلير فرنسية الصنع إلى المملكة العربية السعودية ونقلاً عن الوفد المرافق لوزير الدفاع الفرنسي جان إيف لودريان : “نحن نتحدث عن كميات لا يستهان بها من ناقلات الجنود بالإضافة إلى المئات من الدبابات”.
تضاربت الآراء في مكتب وزير الدفاع بين التفاؤل و التشاؤم حيث عمل لودريان على تقديم مجموعه من القراءات للأعمال المختلفة جمله واحدة, ففي واقع الأمر فأن هذا ليس من المستغرب ولكن تلك الاختلافات كانت أقل وضوحاً.
كُللت صفقة بيع الدبابات الفرنسية لوكيلر بالنجاح و ذلك بعد المناورات الميدانية التي قامت بها المملكة العربية السعودية في أواخر شهر نوفمبر من العام المنصرم.
فقد سارت المملكة العربية السعودية على نفس الخطى التي سارت عليها من قبل دوله الإمارات العربية المتحدة عندما قامت بإبرام صفقة شراء دبابات لوكلير في العام 1993, حيث تشارك الدبابات في الحرب على اليمن.
وبالرغم من ذلك فقد تعرضت الدبابات الفرنسية لوكلير لضربات موجعه من قبل االجيش اليمني واللجان الشعبية.
سيطرت دبابات لوكلير على هاجس الساسة في المملكة العربية السعودية حيث ابدت الرياض نيتها في تجهيز لواء مدرع بأحدث الأسلحة حيث يضم اللواء ما يقرب من 200 دبابة من طراز لوكلير في حين تم إدراج عدد خمسين دبابة لتحل محل اي خسائر محتمله, وإلى الآن مازال هذا الاقتراح كلام على ورق.
كما تعمل المملكة العربية السعودية على اقتناء دبابات ليوبارد الألمانية الصنع بالإضافة إلى دبابات ألتاي التركية الصنع.
اللجان الغامضة
عاشت جمهورية فرنسا فترة رائعة وذلك منذ شروعها في استقطابها عقود بيع الأسلحة والتي عادت عليها بثروات طائلة, فبعد الصفقات الضخمة التي حققتها باريس على مستوى الأسلحة البرية فقد سطرت نجاحات ملموسة ايضاً على مستوى الأسلحة البحرية و ذلك من خلال صفقات بيع الفرقاطات – اسم يطلق على نوع من السفن الحربية السريعة التي تكون أصغر حجماً من المدمرات وأكبر من زوارق الدورية الساحلية بالمقارنة مع المدمرات فإن الفرقاطات ذات سرعة ومدى بحري أقل- حيث عرفت هذه الصفقات باسم عقود صوراي.
تخللت العديد من الصراعات الخطيرة حول اللجان التقليدية المدفوعة من الجانب السعودي والجانب الفرنسي فيما يختص بإشراك زياد تقي الدين رجل الأعمال الفرنسي لبناني الأصل الذي طالما لعب دور الوسيط في العقود الدولية التي تختص في المجالات السياسية والمالية.
نجحت باريس في بيع ما يقرب من 500 عتاد عسكري بقيمة 600 مليون يورو بشكل سنوي و بالرغم من ذلك إلا أن باريس تسعى إلى مضاعفة ذلك فهي تشعر بأن هذا العدد ليس كافياً.
تضع باريس صوب أعينها العديد من مشاريع بيع فرقاطات فريم أو طاردات جويند فهما نوعان من أنواع السفن البحرية الحربية التابعة لشركة دي سي ان اس الفرنسية المتخصصة في بناء السفن العسكرية والطاقة النووية والبنية التحتية البحرية.
ومنذ ذلك الحين و فرنسا لم تتوار عن المضي قدماً في رفع أُهبة الاستعداد في منافسة مشاريع التسلح و ذلك من خلال شركة الإنشاءات الميكانيكية النورمندية المتخصصة في بناء السفن ومركزها في شيربورج والمملوكة لرجل الاعمال الفرنسي لبناني الاصل اسكندر صفا, ولكن هذا الإصرار الفرنسي كان مشبوباً بالحذر فهذا المجال يتأرجح ما بين الصعود والهبوط.
عملت المملكة العربية السعودية على تمويل شراء اسلحة للجيش اللبناني و ذلك بتكلفة تصل إلى 2.3 مليار يورو, ولكن هذه صفقه تعثرت في الأشهر الأخيرة و ذلك بسبب تفشي الفساد والرشاوى في بعض اللجان المشرفة على هذه الصفقات.
تتركز مخاوف الاليزيه في الوقت الحاضر على إيجاد طرق فعالة للحد من تمكن الأحزاب السياسية المعارضة في فرنسا لكسب هذه اللجان, حيث بدأت الغيوم بالتبدد بعدما أمرت الحكومة الفرنسية بعدم دفع أي رشوة من خارج العائلة المالكة السعودية.
ومازال هناك بصيص امل يلوح في الافق بشأن صفقة تزويد الجيش اللبناني بالسلاح حيث توجه فريق من شركة او دي اي اس – وهي شركة مختصة في مراقبة ضمان التنفيذ السليم للعقود والعمل بشكل وثيق مع العملاء والحكومة والصناعة – إلى بيروت في منتصف شهر يناير.
الأقمار الصناعية
نحن نعي جيداً الدور الفعال الذي يلعبه وزير الدفاع الفرنسي فيما يختص صفقات بيع الاسلحة, حيث يسعى قاطنو قصر الاليزيه الفرنسي إلى تحقيق اهدافهم الرامية في اجتذاب الممالك السنية في الخليج العربي.
تعيش ممالك الخليج العربي أزمة نقدية جراء تراجع اسعار النفط العالمية بيد أن باريس لا ترى في هذا مشكله حقيقة في حال ابدت رغبتها في تقديم الدعم بصورة خاصة من خلال الصراع الدائر بين ممالك الخليج العربي و جمهورية إيران الإسلامية.
تعمل وزارة الدفاع الفرنسية بشغف شديد على إتمام صفقة بيع أربعة أقمار صناعية للمملكة العربية السعودية حيث تنقسم هذه الصفقة إلى قسمين : اثنين للمراقبة واثنين للاتصالات.
ولتعزيز هذا الطرح تسعى شركة تاليس إلينيا سبيس الفضائية – و هي مؤسسة فرنسية متخصصة في صناعة الأقمار الصناعية ومعدات الاتصالات والفضاء- و شركة إيرباص ساس – و هي شركة صناعة الطائرات التابعة للشركة الأوروبية للصناعات الجوية إلى العمل سوياً.
وفي الاخير لم يبق هناك سوى تحقيق كل ما تبقى من الاقتراحات التجارية و ذلك في خضم المنافسة الشرسة مع الولايات المتحدة الامريكية في المجال الصناعي, حيث تنتظر الولايات المتحدة الأمريكية من الرئيس باراك أوباما إطلاق الصفارة لبدء عملية الهجوم, فباريس تعمل جاهدة على قدم وساق من أجل الفوز بهذه الفرصة.

صحيفة لوبون الفرنسية
ترجمة: أسماء بجاش- سبأ

قد يعجبك ايضا