عدن لا تتردد في التصويت له

صقر الصنيدي –
ابتسامته هي رده المفضل كلما وجهنا إليه السؤال , عدن لن تصوت لك مجددا◌ٍ ¿ ويتبعها بالقول بل ستصوت لي كل مرة أنها مدينة لا تفتش في الجذور ولا ترد من اتخذها موطنا وسكنا .
طفلا ترك بلدته القريبة من تعز¡ واتجه نحو الحلم¡ عدن تلك التي كان تعريفها لا يزيد عن كونها آخر الدنيا والجميع مشتاقون للذهاب إلى آخر الدنيا وعندما وصل عبدالباري قرر في نفسه شيئا◌ٍ لم يكشف عنه حينها وكانت هي أيضا قد أصغت إلى صمت هذا المبهور وشاركته السر أن تكون مدينته ومستقرة ومهبط فؤاده كما يردد .
ذهب إلى مدن عدة¡ سافر حول العالم¡ لكنه كان دائما يعود معتذرا عن الغياب القصير الذي كان يشغله في التعلم لأجل أبناء مدينته ” كنت دائما حريصا◌ٍ على أن أرد جميل المدينة التي علمتني وصقلت توجهي ونمت مواهبي حتى عندما اخرج منها آخذها معي ” درس الطب ونال درجة الماجستير في الطب العام وكان أكثر انشغالا بما يعرف بالخدمات الاجتماعية وهو ما جعله قريبا من قلوب أبناء منطقة دار سعد وهم يرقبونه مهتما بكل تفاصيل همومهم وكانوا حريصين في الانتخابات النيابية الأخيرة أن يصير ممثلا عنهم في البرلمان وفضلوه حتى على من أراد أن يشعل نار المناطقية في النفوس¡ وعمل على ترويج دغيش ليس خالصا من عدن , لكن الدكتور عبدالباري تنبه للأمر ووفر على خصومه الجهد بأن أضاف منطقة الميلاد ومنطقة النشأة ” أثق في عدن وأعرف أنها لا تفرق بين أبنائها ولا تدقق في انتمائهم , وعلى العكس وسع ذلك من المتعاطفين معي في التصويت , في هذه المدينة اجتمع الناس من مناطق مختلفة وأصبحوا متحدين معها ونسيجا اجتماعيا لها لا يمكن أن تكون غير ذلك “
لا أحد في الدائرة 28 يجهل دغيش وقصته مع مدينته¡ وليس هناك من يفكر في تجريده من حق اختيار مكان الانتماء .
ورغم الأصوات المتعصبة التي ظهرت وتنادي بتوزيع البشر حسب رغبة الصراعات¡ إلا أنها ما تزال عدن مدينتي ولن أكون إلا فيها ومرشحها كما يقول البرلماني المتواجد بقوة في القاعة وفي الميدان يقول :
في واحدة من كتاباته يدرك المتتبع لتاريخ اليمن المعاصر والحديث أن جوهر نضالات الشعب اليمني وتاريخ طلائعه الوطنية المكافحة اتسمت بدعوات لم الشمل والوحدة وتجاوز حالات التشرذم والتمزق¡ ومن أجل ذلك ق◌ْدمت التضحيات الجسام.
من أجل وحدتنا التي هي مصلحة آنية واستراتيجية في ذات اللحظة¡ وفي زمن يتقارب فيه العالم¡ وتتلاشى حدوده وتتشابك مصالحه من المعيب الحديث عن فك ارتباط أو الدعوة للانفصال¡ نحن نقول إننا مع الوحدة بدون كلمة ولكن¡وفي نفس الوقت نحن مع كل الحقوق المشروعة لمستحقيها ¡وضد الظلم والفساد مهما كان مصدره وأي◌ُا◌ٍ كان عنوانه “.
قال هذه الكلمات حتى قبل أن تتطور القضايا الصغيرة وتصير أكثر تعقيدا ومازال إيمانه وقناعته دون تغير لأنه يعرف أن العالم أصبح يمتلك رؤية واضحة لقيمة الوطن الكبير والواسع الذي يقبل الجميع ولا يفرق بين السكان نزولا عند رغبة البعض ومزاج من يريد أن يجعل للمدن أبوابا وأقفالا وقسوة .
ولدى دغيش سجية حملها معه من تلك المدينة المحاطة بالبحر أن يسير وحيدا تاركا كل الأضواء والسطوع لغيره ” لا أحب أن أمشي بين المواطنين واتخذ دونهم حرسا وهم من جعلوني ممثلا عنهم ” .
وفي أوقات كثيرة لا يكاد يخرج من بوابة المجلس إلا ويد تمسك يده ويسيرا معا وهو يستمع إلى شكوى الممسك به القادم من دار سعد رغبة في تدخل يخفف عنه شكواه أو يوصلها إلى مكانها الصحيح وهو ما يسعى النائب للقيام به حتى لأولئك الذين يراهم للمرة الأولى .

قد يعجبك ايضا