في ذكرى المولد الشريف
● تحل على اليمنيين هذه السنة ذكرى مولد خير الكائنات وسيد البشرية النبي الأعظم محمد صلى الله عليه وآله وسلم ، في وقت استثنائي وظرف عصيب عنوانه الأبرز، هو صمودهم الأسطوري الخارق للعادة، في وجه أعتى عدوان غاشم همجي تقوده قوى البغي بقيادة أمريكا والكيان الصهيوني ونظام آل سعود العميل ومرتزقتهم في الداخل ، وباستخدام أعتى آلات القتل والدمار والحصار الظالم ، كل ذلك من أجل تركيع شعب الإيمان والحكمة ، أحفاد الأنصار الذين آمنوا برسالة الإسلام وصانوها وحملوها لكل بقاع العالم ،ومن أجل السيطرة على اليمن أرضاً وإنساناً وسلب قرارهم وسيادتهم ومصادرة حقهم في العيش الحر والكرامة الوطنية الكاملة.
ويكفي دلالة على صمودهم، وهم أهل الإيمان والحكمة وأولو البأس الشديد، أن نجدهم اليوم في كل بقاع اليمن ومدنه وقراه وعلى المستويين الرسمي والشعبي يحتفلون باطمئنان وثبات منقطع النظير بذكرى”المولد النبوي الشريف”، مستلهمين من سيرة خير والد وأكرم مولود دروس العزة والصبر والجهاد وقيم التضحية والفداء ومعاني الرجولة والإقدام والصبر على المكاره، لا تخيفهم طائرات البغي ولا صواريخه ولا مفخخات أدواته وعملائه.
وبقدر ما يؤشر ذلك إلى عظمة المناسبة في نفوس اليمنيين والمكانة العظيمة التي يحتلها في وجدانهم النبي الكريم فإنه يدل على وعي كبير منهم بأهمية الاستمرار في التعبير عن صدقية الرسالة الإسلامية الإنسانية العظمى التي حملها الرسول عن ربه لأمته وللبشرية جمعاء والإخلاص لها، وهي رسالة الرحمة والهدي السماوي الساعية في جوهرها إلى تخليص الناس من أدران العبودية وأغلال القهر تحت راية الحق والنور.
ومن المؤكد أن احتفالاتهم بهذه الذكرى العطرة تمنحهم اليوم زاداً كبيراً وعزيمة مضاعفة، للسير على منهاج النبي الذي استطاع من خلاله أن يوحد المتفرق وأن يجمع المشتت من أجل الله وفي سبيل الله وصولاً إلى إخراج البشرية من ظلام الجهالة إلى رحاب الإيمان، ومن سوداوية التبعية والضلال والخنوع إلى بهاء الإسلام وتعاليمه السمحة.
لقد كان ميلاده تاريخاً فارقاً في عمر الإنسانية، ونقطة ضوء اتسعت ولا تزال تتسع لتمنح وجه الأرض والتاريخ شكلاً جديداً ومفاهيم جديدة، قوامها الخير والحب والنور والعزة ومقارعة الظلم والظالمين وتوطيد العدل، بغض النظر عما آلت إليه أحوال الأمة المسلمة اليوم من تفكك وضعف وهوان، بسبب الابتعاد عن هدي نبيهم وانحرافهم عن قيم رسالته التي تركها فيهم، فحادوا عنها وركنوا إلى الأعداء.
إن القاسم المشترك بين كل المسلمين بتعدد مذاهبهم وطوائفهم هو رسولهم الأمين ورسالته الصادقة، ومن البدهي أن تكون ذكرى مولده لحظة للتذكير بوحدتهم وارتباطهم الكلي بمعينه العذب وبالقرآن الكريم، كما أنها اللحظة ذاتها التي يحاول اليمنيون اليوم استلهامها ليستمدوا منها العزم في مقارعة المعتدين والذود عن هويتهم المحمدية في مواجهة هويات الاستلاب والتبعية التي تدين بها عروش البغي وتحاول أن تفرضها على اليمنيين عبر عدوانها وبربريتها، وهيهات أن يكون لها ذلك.
لقد اختار اليمنيون الإسلام المحمدي ، وقرروا بوعي وإيمان كامل أن يلتحقوا براية نبيهم الكريم الصادق الأمين زرافات ووحدانا، طواعية منهم وحباً فيه وإيماناً وتسليماً به وبرسالته، وهم من آزروه ونصروه وبذلوا أرواحهم بين يديه، وساروا من بعده على نهجه واثقين من النصر والتمكين .
لهذا ليس بجديد اليوم ولا مختلف أن يكونوا كذلك على العهد نفسه، ثباتاً وإيماناً وبصيرة، يصدق فيهم قول الله عز وجل” مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ”. وقوله تبارك وتعالى “مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَىٰ نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا”.