
إعداد /عبدالله حزام –
,- المكونات الجنوبية : قرارات الرئيس أزاحت المعوقات التي تقف أمام طريق الحوار.
مجلس التعاون الخليجي : المجتمع الدولي كله يتابع خطوات تنفيذ التسوية السياسية في اليمن المنبثقة عن المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية.
, مراقبون سياسيون: هيكلة الجيش خطوة مهمة وأساسية في التهيئة والإعداد لعقد مؤتمر الحوار الوطني.
انتظر اليمنيون- نحو ثلاثة عشر شهراٍ- صدور قرارات الرئيس عبد ربه منصور هادي التي تنهي انقسام الجيش وتنتزعه من مخالب الفرقاء السياسيين وأهوائهم وولاءات القبيلة والمناطقية وتعيد للجيش اليمني اعتباره ليقوم بدوره الوطني في هذه المرحلة المفصلية الخطيرة من التاريخ اليمني.
وكانت الفترة الزمنية الفاصلة بين تسلم الرئيس هادي السلطة من سلفه الرئيس صالح بموجب اتفاق المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية وبين إعلان القرارات التي أزالت التشكيلين الشهيرين »الحرس الجمهوري« و »الفرقة الأولى مدرع« من خريطة الجيش اليمني في 19 (ديسمبر) الماضي طويلة بمقاييس شباب الثورة المتعطش للتغيير الحقيقي وللأمن والاستقرار.
ولكنها بالنسبة للرئيس اليمني المتمهل في تحركاته وقراراته فترة معقولة ومقبولة خصوصاٍ في مثل الظروف التي يعيشها اليمن والتي تتطلب وفق مراقبين أخذها في الاعتبار عند الاتجاه لإصدار قرارات جريئة وحاسمة مثل القرارات التي أصدرها هادي والتي طالت نجل الرئيس صالح (أحمد) من قيادة قوات الحرس الجمهوري ونجل شقيقه من رئاسة أركان قوات الأمن المركزي وطالت أيضاٍ اللواء علي محسن الأحمر من قيادة الفرقة الأولى مدرع.
وقضت قرارات هادي التي تمثل الخطوة الأولى في طريق إعادة هيكلة الجيش بتقسيم الجيش اليمني إلى أربعة تشكيلات هي الجوية والبحرية والبرية وحرس الحدود إضافة إلى تشكيل خامس أطلق عليه الاحتياطي الاستراتيجي وضمت إليه ألوية الصواريخ والحماية الرئاسية والقوات الخاصة ووحدات مكافحة الإرهاب وجعلته تابعاٍ للرئيس مباشرة باعتباره القائد الأعلى للقوات المسلحة إضافة إلى تقسيم اليمن إلى سبع مناطق عسكرية تتوزع عليها كل التشكيلات العسكرية البرية.
واستندت قرارات هادي على نتائج الندوة العلمية الأولى الخاصة بإعادة هيكلة الجيش والأمن وما توصلت إليه اللجنة العسكرية المكلفة بالهيكلة بمشاركة خبراء أمريكيين وأوروبيين وأردنيين كما أن إعلان هذه القرارات المدعومة محلياٍ وإقليمياٍ ودولياٍ جاء بعد يومين فقط من عودة المبعوث الدولي إلى اليمن جمال بن عمر الذي كرر تهديدات مجلس الأمن الدولي باتخاذ عقوبات فردية أو جماعية بحق الأفراد أو الجهات التي تعمل على عرقلة تنفيذ مهام المرحلة الانتقالية وفي مقدمتها إنهاء انقسام الجيش وإعادة بنائه وفق معايير فنية ووطنية بما يوفر الأجواء المناسبة لعقد مؤتمر الحوار الوطني.
وبعكس ما كان متوقعاٍ في اليمن من رفض ومعارضة قوبلت هذه القرارات بترحيب شعبي واسع من قبل جميع الأطراف بما في ذلك القيادات التي أبعدت من مواقعها العسكرية والأمنية.
وحينها أكدت مصادر مطلعة أن الأطراف المعنية بهذه القرارات كانت على علم مسبق بها وأن معارضة أو رفض قرارات هادي لم يعد أمراٍ ممكناٍ في ظل الضغط الإقليمي والدولي والدعم الذي يحظى به هادي للمضي قدماٍ في تنفيذ بنود المبادرة الخليجية وآليتها الموقعتين في العاصمة السعودية الرياض في 23 تشرين الثاني (نوفمبر).
أما داخل الجيش فإن قرارات الرئيس هادي كانت تمثل بداية الطريق لعملية دمج الجيش المنقسم منذ شهر مارس 2011م وإعادة توزيعه على التشكيلات الأربعة الرئيسية والمناطق العسكرية السبع التي حددتها القرارات وأن هذه المهام ستنفذ على مدى سنوات عدة بالتزامن مع إعادة بناء الجيش وفق المعايير المتعارف عليها في الجيوش المحترفة.
وعلى الواقع يرى مراقبون أن قرارات الرئيس هادي بدمج الجيش لا تزال بحاجة إلى الكثير من الجهد والوقت لإنفاذها على أرض الواقع ويقولون في أحاديث “لوسائل الإعلام “إنها ستعزز من قوة هادي وتجعله أكثر قدرة على إدارة شؤون اليمن بخاصة وهي تتيح له فرصة الاستقلال بالقرار الرئاسي .
ويعتقدون أن هذه القرارات وما سيصدر منها مستقبلاٍ ستمنع عرقلة الخطوات التنفيذية لبنود المبادرة الخليجية في مرحلتها الثانية التي ستنتهي في 21 (فبراير) 2014م ما يهيئ الأجواء والظروف المناسبة لانخراط مختلف الأطراف السياسية والاجتماعية في الحوار الذي سيبحث كل الملفات الخطيرة والشائكة ويضع المعالجات المناسبة لها وللأزمة اليمنية عموما.
والمتابع لخطوات قرارات هيكلة الجيش سيجد أن الرئيس عبد ربه منصور هادي مهد لهذه القرارات عندما أعلن ولأول مرة أنه يمتلك الكثير من الأوراق المهمة وأن “للصبر حدوداٍ لمواجهة من يسعون لعرقلة التسوية السياسية في البلاد وردعهم أو يعيقون عقد المؤتمر الوطني للحوار الشامل وبعكس ما عرف عنه منذ توليه السلطة من دبلوماسية لا تخلو من الرسائل الضمنية الخفيفة بدا الرئيس اليمني في الندوة الخاصة بإعادة هيكلة الجيش والأمن جاداٍ وحازماٍ وواضحاٍ أيضاٍ وهو يرسل تحذيراته لكل من يحاول إعاقة التسوية ويتوعد بفتح جميع ملفات الفساد.
ترحيب واسع
> في السياق ذاته أعربت أحزاب اللقاء المشترك (المعارضة سابقا) الشريكة حاليا في حكومة الوفاق الوطني مع المؤتمر الشعبي العام (السلطة سابقا ) عن ترحيبها بقرارات الرئيس هادي معتبرةٍ إياها “خطوة مهمة وأساسية في التهيئة والإعداد لعقد مؤتمر الحوار الوطني الشامل”. وأكد اللقاء المشترك في بلاغ صحفي صادر عنه تأييده لقرارات الرئيس كونها تستهدف ” بناء المؤسسة العسكرية بما يمكنها من القيام بواجبها وفقا لما يفرضه الواجب الوطني”. كما دعا اللقاء المشترك شباب الثورة إلى مسيرة حاشدة تأييدا لقرارات الرئيس في اليوم التالي لصدور القرارات ولم يصدر عن المؤتمر الشعبي العام موقف رسمي بالتأييد أو الرفض إذ اكتفت وسائل إعلام المؤتمر بنشر ترحيب الدول الراعية للمبادرة الخليجية بقرارات إعادة تنظيم الجيش اليمني.
> ولقيت القرارات التي أصدرها الرئيس عبد ربه منصور هادي والخاصة بهيكلة الجيش تأييداٍ وترحيباٍ واسعين لدى الكثير من القوى السياسية والشعبية والثورية في اليمن عموماٍ وفي المحافظات الجنوبية خصوصاٍ.
واعتبر محللون سياسيون وقادة ثوريون جنوبيون أن تلك القرارات أقوى ما صدر عن الرئيس هادي منذ توليه سدة الحكم في فبراير من العام الماضي.
وقال الناطق الرسمي لمجلس تنسيق القوى الثورية الجنوبية علي قاسم إن يوم 19 ديسمبر سيخلد في ذاكرة اليمنيين وشباب الثورة لكونه اليوم الذي تحقق فيه هدف هام من أهداف الثورة وأصبح للشعب اليمني جيشه الوطني الحقيقي.
وأضاف قاسم : إن الرئيس هادي “انتصر لدماء الشهداء والجرحى الذين كانوا يتوقون لرؤية جيش وطني حر يدافع عن اليمن ويحمي حقوق اليمنيين” كما أنها “بداية للإسراع بعجلة التغيير التي ناضل الشباب من أجلها طويلاٍ إضافة إلى أنها ستعمل على توازن القوى لكل الأطراف السياسية والاجتماعية المشاركة في مؤتمر الحوار”.
واعتبر قاسم أن القرارات أزاحت نسبة كبيرة من المعوقات في طريق الحوار الوطني المرتقب مشيراٍ إلى أن هيكلة الجيش كانت أهم مطالب شباب الثورة والأحزاب المشاركة فيها قبل الدخول في أي حوار وأن على الجميع الآن المشاركة في الحوار بروح وطنية لبناء اليمن الجديد والدولة المدنية الحديثة.
وقال : إن الشعب كله سيقف خلف الرئيس هادي لتنفيذ تلك القرارات في حال محاولة الرئيس السابق علي عبد الله صالح وعائلته الالتفاف عليها وأضاف إن هناك تأييدا داخليا وإقليميا ودوليا للقرارات وكل من يقف في طريق تنفيذها لا بد من معاقبته.
بدوره وصف عضو اللجنة الفنية للحوار العميد عبد الله الناخبي -وهو قيادي بارز في الحراك الجنوبي- قرارات هيكلة الجيش بأنها جريئة وشجاعة وأنها جاءت مؤيدة لمطالب شباب الثورة السلمية ومطالب كل أبناء اليمن معتبرا هيكلة الجيش خطوة إيجابية جداٍ على طريق مؤتمر الحوار الوطني.
دعم دولي
> وعلى الصعيد الإقليمي أكد الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي عبد اللطيف الزياني دعم دول المجلس لقيادة الرئيس هادي وقالت وكالة الأنباء اليمنية سبأ إن الزياني اتصل هاتفيا بالرئيس هادي وأعرب عن “مباركته الصادقة وتهانيه الحارة بالقرارات”.
وذكر أنها “تتصل بتنفيذ الخطوات العملية لترجمة المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية وقراري مجلس الأمن 2014 و2051 والمتمثلة بإعادة هيكلة القوات المسلحة والأمن بصورة عملية وضرورية من أجل الولوج للمؤتمر الوطني الشامل والسير في الطريق الصحيح للخروج من الأزمة الطاحنة والظروف الصعبة التي نشبت منذ مطلع العام الماضي”.
وأضاف الزياني إن المضي في طريق إعادة هيكلة الجيش “عملية لا بد منها”, معربا عن تأييد دول مجلس التعاون الخليجي لهذه الخطوات والقرارات والتعيينات وكل ما هو ضروري لخروج اليمن إلى بر الأمان.
وذكر أن المجتمع الدولي كله يتابع الخطوات الخاصة بتنفيذ التسوية السياسية في اليمن المنبثقة عن المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ويدعم كافة الإجراءات والخطوات والقرارات حتى استكمال كافة المتطلبات والخروج باليمن إلى آفاق المستقبل المأمول والسلام والوئام والتطور والازدهار.
> وعلى المستوى الأممي جاءت قرارات الرئيس هادي بعد ساعات فقط من تصريحات أدلى بها مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن جمال بن عمر كشف فيها أن الرئيس هادي ينوي اتخاذ إجراءات لإصلاح المؤسسة العسكرية والجيش.
وأشار بن عمر في تصريح عقب عودته إلى صنعاء لمباشرة مهامه المتصلة بالمتابعة والإشراف على مجريات تنفيذ التسوية السياسية في اليمن إلى أن الأمم المتحدة قد تفرض عقوبات على الذين يحولون دون تحقيق الانتقال السياسي في اليمن.
وكشف عن “احتمال إصدار عقوبات فردية أو جماعية في حق كل من يقف حجر عثرة أو يحاول تعطيل مسار التسوية مع احتمال تشكيل لجنة أممية من أجل ذلك أو الإصدار المباشر عند الحاجة لذلك”.
> تبدو الصورة اليوم أكثر وضوحاٍ فالرئيس عبد ربه منصور هادي يحكم قبضته على الجيش وينهي انقساما بين صفوفه كاد يدخل البلاد في دوامة من الصراع والاقتتال فبصدور أهم قرارات الرئيس هادي منذ توليه منصبه في فبراير الماضي والمتمثل بإعادة هيكلة القوات المسلحة يكون الرجل قد وضع حدا لنفوذ مراكز القوى التي كانت تتحكم بالجيش.
وأبرز نتائج القرار يتمثل في إلغاء قوتين عسكريتين متضادتين: الأولى هي الفرقة الأولى مدرع والثانية الحرس الجمهوري ورغم تباين ردود الأفعال تجاه القرار إلا أن المواقف المرحبة بقرار هيكلة الجيش سواء داخل اليمن أو خارجه بعثت بالكثير من إشارات الاطمئنان مما يمهد الأجواء بلا شك أمام الخطوة الثانية وهي الحوار الوطني الذي يترقبه اليمنيون بكافة أطيافهم سعيا إلى إنهاء المرحلة الانتقالية وتعديل الدستور ووصولا إلى إجراء أول انتخابات تنافسية لحقبة ما بعد صالح.