عبدالرحمن مراد
على مدى أربعة أيام خلال سالف الأيام نظمت الأمانة العامة لجائزة رئاسة الجمهورية للشباب فعاليات ثقافية متنوعة ، وهي بذالك تحاول التشبث بالحياة وبالوجود في ظل ما تمر به اليمن من حرب ومن شلل تام في كل المرافق والمؤسسات العامة ومن حالة تعطيل الحركة والحياة ، وقد كان لتلك الفعاليات أثر على نفوس الشباب والمبدعين فقد قالت لهم تلك الحركة أن الإبداعية وتلك الأنشطة والفعاليات أن شيئاً ما في اليمن ما يزال قادراً على الحياة وعلى التشبث بالجمال وبلغة الجمال بل وقالت الفعاليات والأنشطة المتنوعة للأمانة العامة لجائزة الشباب أن الطائرات والبوارج لا تقتل عشاق الحياة ولا تقتل النفوس القادرة على صناعة الحيوات المختلفة لكل الناس ، فاللون ما يزال يرسم طيف أحلام على جداريات الوطن ، واللغة ما تزال قادرة على ترجمة أعراس الغبار لتجعل منها وهجاً ينير الليالي الشتائية المظلمة في شوارع صنعاء وأزقتها وكذالك ما يزال المبدع يحفر بأظفاره في جدار الحياة ليفتح في ثغرة للنور وللحياة ، ليفتح أفقاً جديداً يتسع لأحلامه التي ضاق بها أفق الكون الواقعي الذي لا يتسع إلا للطائرات وأزيزها وللصواريخ ونعيقها وللبوارج ودمارها وأصوات انفجاراتها. ففي اليوم الأول للفعاليات احتفى اللون بشجنه وسمفونياته في معرض الفنانين التشكيليين أيمن عثمان وحاتم الذاهبي ، وهما الفنانان الفائزان بجائزة رئيس الجمهورية عام 2014م وكان معرضهما محتوياً على الشجن السمفوني في وجوه الناس التي ترمق أشجانها من بعيد وفي الأشياء والموجودات التي ترك الدمار والغبار أشلاءه عليها ولم يغادرها حتى وهي تغرق في تفاصيلها اللونية الداكنة والرمادية، لكن الأمل يظل هدفاً من أهداف اللون والريشة وهي تغوص في علب اللون المتنوعة في الشجن الوجودي والإنساني في اليمن .
وفي اليوم الثاني كان الاحتفاء بخمسة إصدارات تشكل في مجالها تنوعاً بين الفنون القولية ففي الشعر صدرت مجموعة شعرية للشاعر الغارق في الظل ودهاليز اللغة عبدالإله الشميري بعنوان ” قمصان العابر للظل ” وهي مجموعة تحاول أن تغوص في الذات لتبعث طاقاتها وتغوص في اللغة لتفجر عوالمها وتصنع منها حياة بديلة لحياة الوحشة والدمار، وفي مجال القصة القصيرة صدرت ثلاثة أعمال الأول للكاتب البديع القاص هشام محمد بعنوان ” استعارة لونية” وهي مجموعة تحتفي باللغة والإنسان وتقول له أفق من غيبوبة نفسك- والمجموعة الثانية للقاص عمار السوائي بعنوان ” لنشرب قهوتنا مرتين” وهي مجموعة تشتغل على الأمل كضوء يجب الاحتفاء به حتى لا ترهقا ملفات الحياة، والمجموعة الثالثة للقاص هائل على المذابي بعنوان ” سفر الحديقة” وهي مجموعة تهرب إلى الأسطورة لمحاججت واقعها ومحاكمته، وصدرت مسرحية بعنوان ” امرأة آيلة للسقوط” وهي تطرح قضية اجتماعية أخلاقية كتبها مبروك المرامي.
وكان الأجمل في كل فعاليات الورشة الفنية المرسم الحر لعام 2015م والذي باشر يومه تحت شعار الإنسان أبقى وهو رسالة واضحة بكل مضامينه ورموزه وإشارات اللون بقدرة الإنسان على التصدي لعواصف الدمار والصمود أمام جبروت أعداء الحياة.
لقد قالت فعاليات الأمانة العامة لجائزة الشباب أن اليمن ما تزال تمارس حيواتها، وتبعث من تحت الركام من يتنفس دخان الصواعق ويرسل زهرة ولوناً وقصيدة وبوحاً وشجناً، ما نزال في اليمن قادرين على الحياة.. فشكراً للروحاني وللجنة المنظمة ولنا وقفات في قابل الأيام حول الإصدارات.