العدوان وتجارة الموت
محمد السقاف
لا أعول كثيراً على مسقط ، ولا يثيرني ماذا سيقدم المتحاورون من مسودات في جنيف ، كما أنه ليس لدي اهتمام بالقراءة لمتفائلين يتحدثون عن بوادر إيجابية قد تفضي إلى إنهاء هذا العدوان الغاشم على بلدي الغالي. ليس لأني شديد التشاؤم من جنيف جراء مفاوضات سابقة فاشلة، ولكن لأني أعتقد بما يقارب التأكد أن قرار إيقاف العدوان لن يحدث بالطريقة الناعمة كما قد يؤمل البعض وأنا آسف جداً على هذا الكلام. فالعدوان والكل يعرف لم يكن أبداً بيد القواد هادي وطاقمه في الفنادق منذ البداية ولا كان أيضاً برأيي تحت عقال آل سعود وبعير الخليج العملاء على الإطلاق لكنه بنظري قرار سياسي أعلى من هؤلاء الحثالة بكثير. قرار يتصرف فيه فقط أسيادهم وكبراؤهم في بلاد الغرب الذين لن يقدموا على اتخاذ هذه الخطوة المتهورة إلا بعد عرضها على أسيادهم الأعلى منهم أيضا ؛ تجار صناعة السلاح الذين يجيدون صناعة الحرب وإبادة الشعوب والذين ينتمي معظمهم إلى الديانة اليهودية. التجارالعابرون للقارات الذين يديرون سياسات العالم بأموالهم الضخمة والذين راجت تجارتهم وانتعشت كثيراً في الأشهر القليلة الماضية حسب إحصائيات اقتصادية أخيراً تفيد إنهم حققوا أرباحاً فلكيةً منذ إبريل الماضي بسبب الحرب السعودية على اليمن حيث جنت هذه الشركات أكبر عائد ربح من خلال تزويد الحرب بأحدث تقنيات التدمير المتوفرة وبمبالغ باهظة بل و من خلال إشرافهم بأنفسهم على إدارة غرفة قيادة العمليات التي ينطلق منها الموت الجبان للتأكد من استهلاك الكمية بأسرع وقت ممكن وبأيً طريقة. كيف بأسرع وقت ممكن وبأيً طريقة ؟ ، ولو أحياناً عبر استهداف أراض جدباء وجبال صماء لا أهمية لها بالحرب الدائرة وحتى دون أخذ الاعتبار بحسم المعركة لصالح الزبائن المخلصين والكرماء. فالمهم كما يبدو هو أن ينفد المخزون المشترى بصورة عاجلة فيسارع البهائم إلى إجراء صفقة جديدة مع هؤلاء السماسرة البغاة وهكذا تتوالى الدفعات تلو الدفعات من الأسلحة المحللة والمحرمة ، الصالحة والطالحة وبالتالي تضاف إلى أرصدة شركاتهم في البنوك ثروات طائلة لم يسبق لها إحراز ما يضاهيها فيما مضى حتى في حرب الخليج كاملة وحتى في حزمة مجتمعة من السنوات فحسبنا الله ونعم الوكيل.
لحظة! هناك خبر آخر لمن أصابه الإحباط جراء ما سبق ، أقول إني أؤمن يقيناً كإيماني بالحي الذي لا يموت أنه إلى جانب تجار الموت في السلطة على إدارة العدوان هناك ثمة رجال في ميدان القتال يحملون على أكتافهم أمراً قهرياً من سلطة أعلى من أولئك بكثير وكثير جدا ولديهم تفويض مطلق بالبت في هذا القرار العظيم وحسم العدوان الذي فيه سيتجادلون في مسقط وجنيف ومن خلال هؤلاء الرجال فقط وليس بغيرهم سينجلي هذا الكرب الشديد ، ليس عن أهل اليمن وحسب وإنما عن كافة ضحايا هذا العبث الشيطاني بأرواح البشر وإرادة الشعوب فمنه الفرج وعليه الركون.