عبدالصمد الخولاني
قال الإمام علي – كرَّم الله وجهه – : إنه سيأتي عليكم من بعدي زمان ليس فيه شيء أخفى من الحق ولا أظهر من الباطل ولا أكثر من الكذب على الله ورسوله, وليس عند أهل ذلك الزمان سلعة أبور من الكتاب إذا تلي حق تلاوته, ولا أنفق منه إذا حُرّف عنه مواضعه, ولا في البلاد شيء أنكر من المعروف ولا أعرف من المنكر, فقد نبذ الكتاب حملته وتناساه حفظته,كما ورد في الموسوعة الضدية للسماوي, الجزء الثاني, وكفى بما جاء في الكتاب العزيز من أن الله تعالى يؤيد الحق وينصره ويزهق الباطل ويخذله, لأن الدفاع عن المال والنفس والدين والوطن واجب, وكل ما عدا الحق هو الضلال, وإن تنوعت أساليبه وطرقه, قال تعالى : “فماذا بعد الحق إلا الضلال فأنّ تصرفون” (يونس : 32).
والدين الإسلامي يدعو إلى تأكيد قيم الحق في الأرض للعالم أجمع, فالحق هو الذي به تقوم العدالة الاجتماعية, وهو الأصل الذي ينبثق منه روح الحياة الاجتماعية والحسية ويكفل للإنسانية بقاء نظامها الخلقي والأدبي والمادي, لأنه قوام كل خير, والأصل الأصيل في نفي كل شر, وفي القرآن العظيم ما يدل على شرف الحق ومقدار سلطانه وعظمته وكفى بذلك أن الله سبحانه وتعالى جعله في أسمائه, فقال سبحانه وتعالى : “ذلك بأن الله هو الحق” (لقمان : 30), وقال تعالى : “فذلكم الله ربكم الحق” (يونس : 32), وقال تعالى : “فتعالى الله الملك الحق) (طه : 114), وسمّي دين الإسلام دين الحق ووصف آي الذكر الحكيم بذلك,فقال تعالى : “وبالحق أنزلناه وبالحق نزل” (الإسراء : 105), وقال يخاطب رسوله إلى عباده : “إنا أرسلناك بالحق بشيراً ونذيرا” (البقرة : 119), وقال تعالى : “يا أيها الناس قد جاءكم الرسول بالحق من ربكم فآمنوا خيراً لكم” (النساء : 170), وقال تعالى : “لقد جئناكم بالحق ولكن أكثركم للحق كارهون” (الزخرف : 78), والسكوت عن قول الحق في معنى النطق بالباطل, أما الباطل فإنه الفساد الذي لا تنتج عنه إلا الشرور والمصائب ويبرهن على نفسه بنفسه بسوء مصيره وسرعة زواله, وتفريق سواده وتمزيق أجناده, فلا يلبث أن تنقشع سحابة دخانه ويعود الحق إلى نصابه.
وليس كل اختلاف يقع بين المسلمين يقال عنه فتنة يجب اعتزاله والبعد عنه, خاصةً في صراع الحق والباطل, وما يحدث اليوم من اعتداء وقتل وتدمير للوطن بأسره إنما هو صراع بين أصحاب الحق وأصحاب الوطن وبين الباطل, وهم المعتدون والغزاة المجرمون.
ومواقف المنافقين أثناء صراع الحق والباطل من أكثر ما يثير الاختلاف والتنازع بين المسلمين, حيث يسارع الكثيرون منهم لعقد صفقات الموالاة مع المجرمين, وعلى المسلم أن يكون على بصيرة ورؤية حتى لا يخدع بكلام المنافقين وادعاءاتهم الكاذبة التي لها آثار تخريبية وهدامة للبناء الإيماني والاجتماعي, خاصةً في ظروف الصراع بين الحق والباطل, فهم يظهرون خلاف ما يبطنون.
يقول الإمام علي – كرّم الله وجهه – : “رحم الله رجلاً رأى حقاً فأعان عليه, أو رأى جوراً فرده, وكان عوناً بالحق على صاحبه”, وقال أيضاً – كرّم الله وجهه – : “لا يؤنسك إلا الحق, ولا يوحشك إلا الباطل”, ويقول الإمام علي – كرّم الله وجهه – : “الذليل عندي عزيز حتى آخذ الحق له, والقوي عندي ضعيف حتى آخذ الحق منه”.