النصر يصنعه الصمود والإرادة.. لا القنابل الذكية
الحسين محمد الجنيد
إن الذي يتابع السلوك البشري، يكتشف أن الإنسان هو أكثر الكائنات وحشيةً على الأرض، فالوحوش تدفعها غريزة حب البقاء للقتل إما ذوداً عن صغارها أو إشباعاً لجوعها، بينما الإنسان يقترف أبشع جرائم القتل ليثبت لضحيته مدى قوته إشباعاً لغروره.
الوحوش لا تقتل من كان من نفس فصيلتها، بينما الإنسان لا يستهدف سوى بني جنسه.
لهذا فإن ما يتعرض له شعبنا اليمني اليوم من عدوان بربري هو إثبات لا يقبل الشك بان الإنسان يمتلك من الوحشية ما يجعل أبشع وحوش البراري كائناً مسالماً.
ما تسمى “عاصفة الحزم” ليست سوى جريمة وحشية يقترفها سلمان بن عبد العزيز بحق اليمنيين ليثبت فيها بأن الشيخوخة لن تشكل بالنسبة إليه إعاقة، ليستعرض قوته لإخضاع وتركيع الشعب اليمني، الذي يسعى بثورته لانتزاع الحرية من أغلال الهيمنة التي فرضها نظام آل سعود وكبل بها أقدامه طيلة عقود من الزمان.
هذه هي الحقيقة التي ينبغي على العالم أن يعيها، ليدرك أن مبررات وأهداف هذا العدوان البربري لم تكن سوى مسرحيةً هزليةً، لتسجن العدالة خلف قضبان ضمائر مخدرةٍ بأفيون تلك المبررات والغايات الإنسانية النبيلة المزعومة!.
ولكن أثبت التاريخ بأن له سنناً لا ولن تتغير، فقد أثبت هذا الشعب منذ بداية الخليقة بأنه أهل للصمود في وجه عواصف الدنيا. وما التسعة الأشهر إلا مثال حاضر، يعمق حتمية الحقائق التي أخبرنا بها التاريخ.
وفي صورةٍ تجلى فيها معنى الصمود بهيئته البشرية، يكفيك أن تصعد جبل عطان أو جبل نقم، وشاهد بأم عينيك شعباً لم تنل من عزيمته أو شموخه هدير طائرات العدوان، ولم يكسر إرادته دوي انفجارات القنابل. هو صمودٌ حي حاضرٌ ومُتماهٍ في عقيدة هذا الشعب، وراسخٌ يقينياً كرسوخ الجبل الذي أنت تقف عليه.
بعد تسعة أشهر من عمر العدوان، بدأ مخاض الانتصار يخرج من رحم هذا الصمود الأسطوري بتدشين بداية المرحلة الأولى من الخيارات الإستراتيجية، والتي بددت عاصفة حزمهم، فأضحت مملكتهم عاريةً بلا حدود. ببطولة ذاك الجندي حافي القدمين، الذي اختزل غضب اليمنيين في صدره، وفجّر به مواقع العدو، موجهاً رسالته لمملكة التكفير بأن معركتنا باتجاهٍ واحد فقط، ونتائجها لا تحمل إلا حتمية الانتصار لا غير.
سيدرك آل سعود ولعلهم أدركوا ذلك جيداً، بأنهم قد اختاروا الوطن الخطأ والشعب الخطأ والجيش الخطأ، حين قرروا استعراض قوتهم في المنطقة. كان حرياً بهم قراءة كتاب فن الحرب للجنرال والمحارب الصيني “سون تزو” لمحو أميتهم الحربية والقتالية، أو على الأقل أخذ العبرة من المبدأ العاشر والذي طرحه سون تزو في كتابه حين قال (واعلم أن هناك جيوشاً لا ينبغي عليك مواجهتها).
هل ظن آل سعود أن أحدث طائرات العالم ستصنع له النصر؟ فمنذ متى كانت صقور الجو تستطيع كسر هيبة أسود الأرض، أم يا ترى هل ظن آل سعود بأن شراءهم لأفتك القنابل سيدك لهم جبال اليمن لتكون الطريق لهم سالكةً لغزو اليمن؟ فما جدوى القنابل الذكية إذا كان من يستخدمها حفنةٌ من الأغبياء؟