الشيخ/خالد محمد إبراهيم
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله.. وبعد.. فإن الله عز وجل كرم الإنسان وفضله على كثير من خلقه ورزقه من الطيبات قال تعالى (وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً), وتفضل الله عز وجل على الإنسان ورزقه بالعقل القوة الكبرى في هذا الكون ليتمكن من القيام بأعباء الرسالة التي كرمه الله بها, وهي خلافة الله في الأرض, وهذه النعمة نعمة العقل التي زود الله بها الإنسان والتي علينا أن نتعامل بها مع الكون وتسخيره وننتفع بما فيه من خيرات, هذه النعمة تتعرض للدمار والخراب والهلاك بالمخدرات والمسكرات ومغيبات الوعي والفكر ومغيبات الخلايا العصبية في الدماغ فترتد من أحسن تقويم, كما اراد الله عز وجل إلى أسفل سافلين, حيث الانتكاس بالإنسان إلى درجات من الدونية بعد التكريم والحسن, وذلك بقتل الإنسان لعقله وتدميره لخلايا مخه.
إن مواجهة المسكرات مسؤولية فردية أولا, فالإنسان مأمور بفعل الخيرات وترك المنكرات وتناول الطيبات, وذلك من قبل الشرع, كما جاء في القرآن الكريم (الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَآئِثَ) وعلى الإنسان أن يزجر نفسه إذا سولت له الاقتراب من هذه المحرمات ليفوز في الدارين الدنيا والآخرة, وذلك بتقوى الله والبعد عن محارمه, وبعد مسؤولية الإنسان عن نفسه تأتي مسؤولية المجتمع وواجبه الذي فرضه الله عليه بالعمل على رقابة الافراد من هذه الادواء القاتلة المميتة وذلك بالتربية والتوعية واعداد الفرد إعدادا إيمانيا ليكون القوي في بدنه ونفسه وإرادته لقول النبي صلى الله عليه وسلم «المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف وفي كل خير», وتلك مسؤولياتنا جميعا من الدعاة والوعاظ والآباء والأمهات والمدرسة والجامعة وأجهزة الإعلام والتوجيه وجمعيات الخير, إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يرشدنا إلى ذلك ويقول «كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته الرجل راع في أهله ومسؤول عن رعيته والمرأة راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيتها والخادم راع في مال سيده ومسؤول عن رعيته فكلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته», فيقول تأكيدا على ذلك أن المسكرات تقتل الإنسان وتداهم عقله فتجعله يفكر تفكيرا غير سوي, فليحذر الذي يغتال عقله بالمخدرات والمسكرات لأنه بذلك يقتل ويبيد ويهلك نعمة الله الكبرى عليه, ورجاء من أهل هذا البلد والمسؤولين أن يبذلوا المزيد من الجهد للوقوف في وجه المسكرات والأشياء التي تذهب بالعقل انقاذا للإنسان والإنسانية.