غريب الدار
نصر الرويشان
أستيقظ كل يوم لأشتم عبق النسيم وأرى بزوغ شمس الصباح وهي ترسل أشعتها فتمنحني دفئ المشاعر التي تعلن تبعيتها لوطني اليمن .
رأيت الجموع الغفيرة تخرج لتطلب عيشاً كريماً لتنعم بحريتها وتعلن عزها وشموخها لتعلن بداية عهد جديد وحضارة واعدة .
لم يسمحوا لفقراء الوطن أن ينعموا بخيراته , ويشيدوا بنيانه بل أتوا بجيوش من المرتزقة ولفيف من القتلة وبإشراف صهيوني ومخطط أمريكي .
في ذاك اليوم الذي أقروا فيه قتلي وذبحي ,وأعلنوا فيه رحيلي لأني اليمني , لم يدعوا لي فرصة لأعيش إلا تحت أنقاض منزلي , ولم يسمحوا لطفلي أن يركض ويلعب فكيف يلعب وشظايا قنابلهم وصواريخهم بترت أرجله فلا حراك يستطيعه فهو لا يستطيع إلا البكاء وذرف الدموع على الوجه الجريح.
تلك النساء الملقاة أجسادهن في بيوت دمرت جراء قصف الوحوش البشرية , وقد نال الحريق من ثيابهن وأخترق أجسادهن , ها أنا ذا أسمع ذاك الأنين من تحت صبيات المنازل وأحجارها , فالبعض منهن تغطيه الحجارة والركام والبعض نصفها مغطى ونصفها الآخر ظاهر والبعض منهن أرجلهن فقط والدماء تفوح رائحتها في كل مكان وكل ذلك لأني اليمني الحر الشامخ الذي يعيش بكرامة حتى لو كان فقيرا” فكرامته هي ثروة طائلة .
شهور طويلة وأطفال اليمن يقتلون ويبكون ويتألمون , هناك منهم من ينقصه الدواء وهناك منهم من ينقصه الغذاء بل هناك من لا يجد لحافا” يغطيه ويذهب زمهرير الشتاء وقسوته .
شهور طويلة وهناك أطفال يصحون وقد فقدوا آباءهم في جبهات القتال أو صرعى في الأسواق والأحياء , بل هناك من ينام فينال منزلهم القصف فيسلبه أمه فيحيا وحيداً” ويكبر ويكبر معه حرمانه وفقده لأمه .
قتلوني ?ني أحب وطني , ولا أبيعه ولا أرضاه مرتعا” لغازٍ” جبان ولا مكان فيه لعميل مرتهن , فلنقسم جميعاً بأخذ الثأر لنقتص لأطفالنا , لنسائنا, لشيوخنا, لفتياننا , لأرضنا بما عليها من منازل ومزارع وموانئ ومطارات وطرق وأسواق ومساجد ومحطات وأخيرا لنقتص لموتى أرادوا النيل منهم بعد الممات فلا نامت أعين الجبناء …
فوالله يا آل سلول لن تمروا بفعلتكم هذه دونما عقاب لو فنينا , لو هلكنا, لو أصبحنا هشيماً” تذرونا الرياح وستأتي لحظة الانتقام والقصاص منكم وبآيادينا نحن لا بآيادٍ أجنبية.