استطلاع /أحمد حسن
فاجأ الشتاء سكان العاصمة صنعاء هذا الموسم ليس بالصقيع والبرودة فحسب بل بموجة زكام شديدة وأمراض البرودة جعلت الأسر تكابد العناء في شراء الأدوية فدخل عليها الموسم القارس طالبا ملابس ثقيلة وبطانيات فاعتبروه هما جديدا يضاف لهمومهم وهنا الكارثة في ظل وضع مأساوي يفوق الخيال اقتصاديا ومعيشيا .
ورغم الصعوبات الاقتصادية إلا أن المئات من المحلات والمولات والبساطين والباعة المتجولين في الشوارع والأسواق الشعبية لايزالون يتنافسون على بيع ملابس شتوية منخفضة التكلفة تعرف من أبو 500 ريال وهو ما يعطي آمالا بأن البرودة ستجد من يوقفها عن أجساد الناس الهزيلة وخصوصا أولئك الفقراء.
الحاجة
يعترف جميع الناس بحاجتهم لملابس شتوية ثقيلة تقيهم البرد يقول عبدالرحمن محمد البرد فعلا قارس خصوصا من قبل المغرب والصباح ولهذا اشتريت ملابس لي ولأولادي الخمسة بعد أن اشتد البرد في الأيام الماضية ،ومثله عبدالله الورد هو الآخر اشترى للأطفال ملابس شتوية جديدة يقول عنها إنها إضافية غير تلك التي تم شراؤها في عيد الأضحى الذي مضى،كما يفيد الأخ حسان توفيق أنه أيضا لم يستطع الانتظار وقرر الشراء من سوق شعبية ملابس لأولاده الثلاثة.
نشاط
أسواق الملابس الشتوية في العاصمة صنعاء تشهد استعدادات كثيفة من قبل التجار فهم يعرفون خشونة البرد والطلب على الملابس فيه ويعتقدون أن موسمه موسم مختلف عن العيد حيث الطلب على الفانيلات والجواكت والملابس الداخلية ويعتقد التجار أن هذا الموسم سيكون الطلب فيه محدودا نظرا لصعوبة حياة الناس ومستواهم الاقتصادي المتدني لكنهم يأملون في تحقيق بعض المكاسب لمواجهة إيجارات ومستحقات العمال ليدهم مقارنة بالأعوام الماضية.
ويرى هاشم الكبودي تاجر ملابس في سوق الزمر أن دخول فصل الشتاء مبكرا هذا الموسم أوائل أكتوبر والناس يشعرون بحاجتهم لملابس ثقيلة خصوصا مع تدني الحرارة إلى ما دون 10مئوية صباحا وقت الخروج للعمل وهي درجة منخفضة تحتاج لملابس ثقيلة يتم بها مقاومة البرد فكانت الأسواق الملاذ لشراء الملابس، ويضيف الكبودي أن الموسم بدأ منذ نهاية سبتمبر وبداية شهر أكتوبر بقوة, حيث عزز البرد القارس الطلب ولاحظنا اتجاه الناس لشراء الملابس الثقيلة بشكل كبير سواء للأطفال أو النساء أو الرجال فالكل يشعر بالبرد على ما يبدو.
ملابس رخيصة التكلفة
من ميزات السوق اليمنية أن كل متسوق يمكنه الحصول على الملابس التي يحتاجها حسب قدرته الشرائية ومما لفت انتباهنا تلك المجموعات الكبيرة من البائعين المتجولين في سوق السلام وشعوب وشارع هائل, حيث يبيعون باستخدام مكبرات الصوت كل قطعة بـ500 ريال وآخرين بـ350 ريالا وتتضمن الملابس فانلات للأطفال وفانلات نسائية وطقم بدلات للأطفال الأصغر سنا عمر سنة وأكثر, وهؤلاء يجدون إقبالا منقطع النظير ،ويشير فهمي العباسي _ بائع _ إلى أن هذه الأصناف يتم توفيرها للناس ذوي الدخل المحدود ليكونوا قادرين على شرائها وتوفيرها لأطفالهم ،وعند سؤالنا من أين يتم جلبها قال إنها من بقايا المحلات والمولات من الأعوام الماضية وبعضها أسعارها مخفضة لأنها أصبحت مخزنة من عدة أعوام فيقوم التجار بإخراجها وبيعها بهذه الأسعار.
طلب
يبدي المستهلكون إعجابهم بتلك الملابس ولهذا يتسابقون على اقتنائها مما يعزز الطلب عليها حسب ما يؤكد حسن دحان مدرس، مشيرا إلى أنها جيدة في أسعارها فقد تمكن من شراء بدلة شتوية لطفله بـ350 ريالا واشترى أخرى لولد عمره ثلاث سنوات بـ500 ريال ،أما عبدالمعين الشيباني فقد اشترى بجامة بـ800 ريال وفانلة للولد بـ500 ريال وجاكت بـ1300ـ ريال .
منافسة
لا تقتصر الملابس الشتوية ذات الأسعار المنخفضة على الأسواق الشعبية أو البائعين المتجولين فحسب بل برزت في الآونة الأخيرة مولات كبيرة وحديثة متخصصة في بيع الملابس بأسعار تبدأ من 500 ريال إلى 1000 ريال وهذه دخلت على خط المنافسة بقوة, خصوصا هذه الأيام الشتوية القارس وتعد المولات هذه كبيرة الحجم وذات مساحة تفوق 3000 متر مربع متكونة من عدة طوابق وهو أمر جعل مسألة بيعها ملايين القطع في اليوم وارد مما أشعل منافسة في السوق اليمنية على بيع ملابس من أبو 500 ريال بقوة .
إقبال
تقبل الأسر اليمنية على شراء الملابس منخفضة التكلفة بشغف مستغلة السعر الذي ترى أنه مناسب من وجهة نظرها ويعلل هذا الإقبال المتزايد من يوم لآخر على التسوق من هذه المحلات بالأسعار المغرية والمناسبة لقدرة رب الأسرة الاقتصادية, ويرى فؤاد العريقي أن الأسعار مناسبة جدا للأسر الفقيرة إذا يمكنها شراء ملابس شتوية تكفيها لهذا الموسم وغيره وهذا أمر جعل التجار اليمنيين يجوبون دول العالم بحثا عن ملابس منخفضة التكلفة كما يقولون .
مفاجأة
مفاجأة الموسم هذا أن التجار يقولون لا يوجد لدينا ملابس مستوردة من هذا العام فالمستورد ممنوع من الوصول لليمن من الأيام الأولى للحرب فكل الموجود هو فعلا محزن من سنوات ماضية لكنه مناسب في ظل أوضاع معيشية وحصار اقتصادي مفروض على اليمن من نصف عام ولهذا ليس المعروض كبيرا كما يتوقع الناس لكنه يفي بالغرض .
شارع السلام
بشارع السلام في باب اليمن لايزال بإمكان تجار الجملة توفير أنواع كثيرة من الملابس الشتوية وبأسعار منافسة, كما يقول التاجر عبدالله الرباعي, مشيرا إلى أن الطلب على الملابس الثقيلة يتزايد في الشتاء في المحافظات الجبلية والوسطى نظرا لبرودة الجوء، وهذا يحتم علينا تزويد السوق بكل طلباتها والتي نكون قد استعددنا لها من أيام الصيف لكن هذا العام لم نستطع إدخال أي حاوية, فبضائعنا لاتزال محتجزة في موانئ جيبوتي وعمان وجدة .
ويشير إلى أن معظم المنتجات من الملابس تستورد من الصين حيث إن الأسعار مناسبة والبضائع جيدة ومتوفرة بالكميات المطلوبة لكن الحصار منع دخول البضائع وهذا عار على المجتمع الدولي.
الواردات
معظم الملابس الشتوية التي تباع بأسعار منخفضة التكلفة في السوق اليمنية مصنوعة في الصين وهي من النوع المصنوع من الخيوط الصوفية وهي تصنع في مصانع التريكو والتي اقتبست صناعة البلوفرات أي الفانيلات من حياكتها من النساء بواسطة الإبر الطويلة سابقا فقد نشأت مصانع عملاقة تصنع ملايين القطع في اليوم في الصين نظرا لإدخال الآلات الحديثة التي تدار بالكومبيوتر ذات المواصفات التي تمكنها من خياطة وحياكة ملايين القطع نظرا لتوفر المستلزمات والطاقة والأيدي العاملة المؤهلة ،وتستقبل الأسواق اليمنية منتجات صينية من تلك الأقمشة المنسوجة بخيط شعيراتها اصطناعية بما يصل إلى 5 مليارات و860 مليون ريال وهناك ألبسة أخرى نسائية وللأولاد بقيمة 11 ملياراً و822 مليون ريال حسب بيانات التجارة الخارجية للعام 2013م
وتوضح الأرقام أن واردات اليمن من الملابس وملحقاتها بلغ في 2011م بلغ 9 مليارات و10 ملايين ريال ارتفع إلى 17 مليارا و779 مليون ريال في 2012م ووصل في 2013م إلى 19 مليارا و589 مليون ريال, أما ما يتعلق بالغزل والمنسوجات الأخرى فقد وصل في 2011م إلى 13 مليارا و909 ملايين ريال وارتفع إلى 22 مليارا و370 مليون ريال في 2012م ثم وصل في 2013م إلى 26 مليارا و62 مليون ريال.
Next Post
قد يعجبك ايضا