الثور الأسود والبقرة الحلوب!!
حسن حمود شرف الدين
لقد قُتل الثورُ الأسود “السوداني” يوم انقسم السودانُ إلى سودان الجنوب وسودان الشمال.. تحتَ إشراف دولي وإقليمي ليس النظام السعودي بمنأىً منه.
يعرفُ النظامُ السودانيُّ سيناريو دول الاستكبار الذي تم تقسيم السودان بموجبه وعلى أساسه انقسم الشعبُ السوداني إلى شعبَين والنظام إلى نظامين والجيشُ إلى جيشين.. لقد ذُبح الثورُ الأسود وتكالبت عليه سكاكينُ مرتزقة وعملاء أمريكا.. أضف على ذلك تسجيل مهندس أمريكا لتقسيم السودان “البشير” في قائمة المطلوبين دولياً بمحكمة الجنايات الدولية كتمويهٍ سياسيٍّ مفضوح يفهمه المراهقون في السياسة لتغطية جرائم البشير الإنسانية والتنظيمية والوطنية في حق الشعب السوداني. ورغم تقسيم لحم السودان كقسمين جنوبي وشمالي تضامنت الشعوبُ الإسلامية والعربية رفضاً لهذا التقسيم.. فكانت انتخابات “تحديد المصير” الفيصلَ.. وليلعب الدولارُ الأمريكي والريالُ السعودي دوراً في ترجيح كفة التقسيم.
السيناريو نفسُه تكرَّرَ هُنا في الجمهورية الـيَـمَـنية حين شاركت أمريكا من الباطن والنظامُ السعودي من الظاهر في السعي لترجيح كفة المطالبين بفك الارتباطِ وإلغاء اتفاقية الوَحدة الـيَـمَـنية عام 1994.. لكن ثقافةَ الشعب الـيَـمَـني الواحدة وتقارُبَهم الفكري والاجتماعي منَعَ من تقسيم الـيَـمَـن.
انفراد الشعبُ الـيَـمَـني بخصائص البقاء والتوحد قل ما تجدها في شعوب أخرى.. فالتقارُبُ الديني والاجتماعي والجغرافي والبينوي كفيلٌ بحماية الـيَـمَـن من أي غازٍ أو مساع للتقسيم أو الاحتلال.. والمؤسفُ أن يشاركَ النظامُ السوداني في محاولة قوى الاستكبار تقسيم الـيَـمَـن من جديد بأيدي النظام السعودي.. رغم ما يعانيه النظامُ السوداني من ترهل وانقسام وملاحَقةٍ دولية.. إلا أنه وكما يبدو للمتابع الحصيف لايزال يلعَبُ الدولارُ الأمريكي والريالُ السعودي دورَه في شراء الأنظمة والمرتزقة والعبيد للقتال نيابةً عن النظام المترف.. إلى جانب ذلك ممارسة “البشير” عملَه كأداة في أيدي أمريكا تستخدمها متى لزم الأمر.. فبعد تراجع مصر وباكستان عن المشاركة الميدانية مع النظام السعودي في عدوانه على الشعب الـيَـمَـني.. وقف النظام السعودي حائراً ومتخبطاً، خصوصاً وأنه لا يمتلك جيشاً وطنياً، وما يمتلكه هو حرسٌ ملكي يحمي أركان المملكة وأمراءَها فقط.. ليأتي دورُ أمريكا وإدخال ورقة مرتزقتها وعملائها في المنطقة العربية والمتمثلة في الثور الأسود السوداني المتمثل في “البشير”.
لا يدرك الشعب السوداني خفايا إرسال أكثر من 6000 جندي من جيشه.. سوى أنه ذاهبٌ لحماية الحرمين الشريفين من التمدد الإيراني غير الموجود في الـيَـمَـن.. لا يعلمون أن “البشير” يلعب بورقة الدين مقابل إرضاء السياسة الأمريكية أولاً وحلب أكبر قدر من حليب البقرة “البيضاء” الحلوب السعودية.
صحيحٌ أن الجيشَ السوداني متمرسٌ على الحرب الداخلية في السودان.. ولديه معنوياتٌ عالية في الدفاع عن الحرمين الشريفين “كما تروج له المملكة السعودية لاستقطاب عواطف الآخرين”.. لكنه سَرعانَ ما يتساقَطُ تحت أقدام الجيش اليمني واللجان الشعبية.. للسبب ذاته؛ لأن الجيشَ الـيَـمَـني ولجانَه الشعبيةَ متمرسون أيضاً في خوض الحروب.. بل ما يميِّزُ الجيشَ الـيَـمَـنيَّ واللجان الشعبية عن غيره من الجيوش قضيتُه التي يحملها “الدفاع عن الوطن” وثقته العالية بالله سبحانه وتعالى وبالقيادة الثورية وبنفسه.. فهو ينفذ ما تُملي عليه القيادةُ الثورية بالتفصيل وليس متهوراً للحصول على الانتصار بقدر حرص النظامِ السعودي في قتلِ الـيَـمَـنيين وتدمير بُنيتهم التحتية بأيديهم وأيدي عملائهم في الـيَـمَـن والمرتزقة من الخارج.