الطرق العتيقة
يحن الإنسان إلى الدروب العتيقة تلك التي كان يعبرها طفلا يسير على قدميه وهو يحث أغنامه نحو الأسواق.. أو راكبا حمارا يعتلي خرج البضاعة التي يصرفها.. أو معليا جملا أو يتبعه يتجه به نحو بعض القرى ليوصل الأحمال أخشابا أو حطبا أو طعاما.
هذا الحنين المؤسي.. بعد أن اختفت تلك الدورب العتيقة غصبا عنها في زوايا النسيان.. تلك الدروب باقية وإن اختفت بعض معالمها ولا يعرفها العابرون الجدد فوق الطرق المرصوفة والمعبدة.
وعبور عابر لأحد تلك الدروب العتيقة تبعث في النفس ذكريات كان طواها الزمن لكنها تعيد شريطا متسلسلا أوله ذلك الارتباط الوثيق الذي كان يربط الإنسان بالطريق والرفقة واتحادهما بمزيج إنساني بالمكان.. للطريق طعم وشم وذوق ولمس.. كانت آبار السبيل وصهاريج الماء المقضضة معالم لا تغيب عن المسافر والعابر.. وكانت الوجوه في المقاهي والناس لا تغيب.. بل تترك انطباعات حية لا تزول..
هي أمور انتهت بفعل التطور وهذا صحيح.. لكن الأقدام العارية التي كانت تعبر “الصفأ الصخري” وتترك في وسطه علامة العبور.. ما زالت في وسط الصفأ الصخري أثرا لا يزول.. تذكر بالعابرين القدماء الذين اقتسموا “صلعة فطير” حول جمنة قهوة طازجة تتسلل رائحة البن من فمها عبر قيشة السبولة اليابسة في فم “الجمنة” صورة جميلة كانت.. تتخللها أحاديث السهر العابر في ليل قمري مضوئ.. يمسح عن القلب أثر الغبار العالق في القلب.. أو يثير شجنا يطويه صاحبه بين الضلوع فتثير لديه الصبابة فتتفجر لوعة الشوق صوتا غنائيا يمتد عبر سهول الليل فيجعل الحجارة تدمع.. غير ذلك من الوجوه التي تمر لمحة فتنطبع في القلب علامة تزود القلب زاد الطريق وتواسي تعبه.. أين نحن من تلك الأشياء الجميلة التي عبرت¿