21 سبتمبر يوم الغضب اليمني
بعد أن منيت ثورة فبراير 2011م بالخيانة من الداخل وبعد أن عادت جحافل الثوار إلى
خدورها خائبة تلعن النفوس الرخيصة وتهجو الأحزاب التي التهمت تلك الأشهر المرهقة تحت
الخيام كان لابد من تدخل إلهي يذكر الشعب المكلوم برحمة الله ويعيد للثوار الصادقين
معنوياتهم التي سقطت في الشوارع التي نصبت عليها الخيام .. كان لابد أن يلوح المنقذ
ويظهر قائد وطني ومخلص ينهض بمشروع الحرية الذي تبناه الشعب في فبراير حتى يكمل
مشوار الثورة التي شوش عليها الأعداء ها ولم يتركوها تكمل أطوار الاكتمال كان لابد من
موقف لمواجهة تلك الأحزاب البراغماتية ومن وراءها بشجاعة تليق بقدر التحديات.
كلنا مازلنا نذكر جيدا .. كل الشعب تقريبا مازال يتذكر تلك الأحدث الموجعة والمواقف
الغامضة وحملات القتل والتصفية وكلنا نذكر كيف تناسى العملاء في ثورة فبراير الدماء
الزكية التي سفكت من أجل الوطن والشهداء الذين قدموا أعمارهم رخيصة لنتخلص من
اللصوص والانتهازيين والقتلة ومن الطوابير الطويلة أمام المحطات .. وكلنا تذكر كيف ذهبوا
لتوقيع المبادرة الخليجية تاركين الوطن خلفهم ينزف في حال رثة وأليمة وأخيرا إقرار تلك
الجرعة التي حملت على ظهر المواطن ما يفوق طاقته بكثير إلى الحد الذي صار فيه الصمت
عما يحدث من إهانة جريمة عظمى وصمتا مهينا وخيانة للوطن الذي لم ينعم أبناؤه بالراحة
والهناء منذ تولى رقابهم عملاء الخارج ومرتزقته الذين باعوا وطنهم بأبخس الأثمان.
هنالك أراد الرب الغفور أن يرتب لهذا البلد الطيب موعدا مع الحرية والكرامة ويكلل صبره
الجميل بثورة 21 سبتمبر بعد أن كاد الوطنيون يفقدون كل بارقة أمل للخلاص والتحرر من
الوصاية الخارجية ومن سنوات الضياع التي عاشها القرار اليمني في معاناة ينتقل ما بين
السفارات باحثا عن رزقه وما يجود به اللئام على غرار المتشردين والمرتزقة والشحاتين.
أراد الرب الغفور أن ينتشل اليمانيين منذ ذلك التاريخ من الذل والخضوع والهوان والتزلف
لسفارة أمريكا والدول الأوروبية ومن الركض وراء رضا حكام الخليج بغية قبولنا في مجلسهم
المأفون بغباء كوننا لم نفهم إلا هذه الأيام أنهم مجرد وجوه للحكام الأصليين أمام العالم وأمام
المحكومين .. الحكام الذين مازالوا يستعمرون هذه البلدان النفطية التي لم نسمع أن أهلها
ثاروا ذات يوم على المحتلين والمستعمرين وإنما وجدنا أمام أنظارنا قادة من البلاستيك بلا
بيانات أو تاريخ نضال أو أي رابط يشرح لنا كيف صعدوا إلى سدة الحكم.
في ثورة 21 سبتمبر لم نثر على العملاء اليمنيين فحسب ولم نثر على وصاية السعودية
والخليج لكننا ثرنا في الأساس على هذه النظم الاستعمارية التي تربض قواعدها العسكرية في
دول الجوار والتي تربي جيوشها الاستخباراتية في بلادنا بموافقة زعمائنا وشيوخنا.. لقد ثرنا
لإنقاذ أنفسنا من كوارث كادت تودي بنا إلى مذابح دموية لا أول لها ولا آخر وعلى مشاريع
استعمارية غاية في الانحطاط والخسة دبرها أعداء هذه الأمة وبرعوا في تنفيذها في عدد من
البلدان العربية والإسلامية لكنهم عندما بدأوا بتدشينها في مقبرة الغزاة لم يجدوا ذلك يسيرا
كما اعتادوا عليه في ما مضى من الوقت وإنما أجبرناهم على الحضور بأنفسهم إذا كانوا
جادين في هذا الأمر وإذا كانوا حقا يفكرون وهم بكامل وعيهم في إقحامنا في مشروعهم
الكارثي ومآربهم الدنيئة.
وقد حضروا وجاءوا بأنفسهم للقاء ثوار 21 سبتمبر في معارك طاحنة ومساجلات على
الأرض التي كانوا يفرون منها ليقصفوا الأبرياء بكل جبن من السماء .. لقد حضروا وعلمهم
أبطال 21 سبتمبر أن اليمن جبارة وعصية على الغزاة مهما كانوا جبابرة وسفاحين ومعدومي
النزاهة والضمير ومهما تراوحت عدتهم وعتادهم وتعداد جندهم من المرتزقة والعبيد فاليمن
مقبرة الغزاة .. وستظل مقبرة الغزاة على مر التاريخ.
