لا لتحزيب التعليم العالي وتخريبه..

كلما تصارعت الاحزاب والمكونات السياسية على أي موضوع خاصة تقاسم السلطة او الهيمنة عليها نجد انها تتهرب من المواجهة المباشرة من خلال صناديق الاقتراع لأنها السبيل الوحيد للحصول على اكتساح سياسي أو الذهاب لطاولة المفاوضات مع بعضها البعض قصد الوصول إلى توافق سياسي.
غير ان الحاصل في بلادنا يتمثل في ان الاحزاب والمكونات السياسية ترى خسارتها في الميدان او عبر صناديق الانتخاب او من خلال الجلوس على طاولة المفاوضات والاتجاه الى المؤسسات التعليمية قصد تجييشها ضد السلطة الحاكمة وبذلك يغمسونها في الوحل السياسي وتصبح تلك المؤسسات خاصة الجامعات مرتعا خصبا للتجاذبات بين الاحزاب وتتحول ساحات العلم الى حلبة صراع حزبي.
على جميع الأحزاب والمكونات النأي بالجامعات عن المعترك السياسي وعلى من يرى في نفسه من الطلاب والكادر الوظيفي والاكاديمي القدرة على العمل السياسي أن يقوم به وفق ما كفل به القانون خارج اسوار الجامعة.
لإقحام السياسة في التعليم الجامعي آثاره السلبية خاصة على جودة التعليم ومخرجاته فنجد ان كل فصيل سياسي يسعى لجني مكاسب من عناصره داخل الجامعات عبر الاستحواذ على النقابات والاتحادات بغرض تسييرها في الاتجاه الذي يريده وفي التوقيت الذي يرى فيه ضغطا على السلطة واحيانا يدخل فيها نوع من المحاباة والمجاملات بإعطاء درجات في الاختبارات غير مستحقة وتصب في صالح الطلاب الذين ينتمون لنفس التيار الحزبي مما يلحق الضرر بكثير من المتفوقين اما لكونهم في أحزاب أخرى تعارضهم افكارهم أو مستقلون غير منتمين لهم أو لغيرهم وذنبهم انهم لا يناصرونهم في الفكر السياسي.
ان الدماء التي تسيل في الحرم الجامعي تتسبب فيها الاحزاب والدولة فالأحزاب تعكر صفو الجو الجامعي قصد التحريض على السلطة الحاكمة بغرض اسقاطها من جهتها فان الدولة لا تتعامل بحكمة مع هذه المؤسسة العلمية فنجد أن اقتحام الحرم الجامعي والقبض على الكوادر الاكاديمية والطلابية امام مرأى من اقرانهم أمر فيه استفزاز لهم مما يزيد الازمة اشتعالا ويجعل السيطرة على الوضع بعد ذلك غاية في الصعوبة.
ما نحتاجه ان يلتزم كل طرف بواجبه تجاه الطلاب فالدولة توفر لهم التعليم الآمن والكادر الاكاديمي يوفر لهم التعليم الجيد وبغير ذلك سيبقى الحرم الجامعي مكانا لتصفية الحسابات بين الاحزاب والدولة والخاسر الوحيد هم الطلاب وليس احد غيرهم.
إن العبارة الشهيرة التي ظهرت في 2011 والقائلة لا دراسة ولا تدريس حتى يسقط الرئيس ما جلبت لليمن الا الخراب ليس العلمي فقط بل والاخلاقي ايضا من خلال ادخال مفاهيم سياسية القصد منها زيادة نسبة التجهيل فالأحزاب لن تستطيع السيطرة الكاملة على الافراد الا من خلال جهلهم تماما بحبهم لوطنهم اولا وبالمآرب السيئة التي تريدها بعض الاحزاب ثانيا تحت ذريعة حب الوطن ويصبح الجاهل تائها بين الحب الحقيقي لوطنه وحب المنفعة الذي تريده بعض الاحزاب….ولهذا نقول لا لتحزيب التعليم العالي وتخريبه.

قد يعجبك ايضا