(( الثائر الذي لم يقد ثورة )) !!
ن ………..والقلم
عبدالرحمن بجاش
رحل مختار سلام ظافر الحكيمي بهدوء مبالغ فيه , وهو الذي شغل المكان والزمان اللذين تواجد فيهما !!! , ذهب مختار بعد أن عرك الدنيا , وأتعبته , رحل الأنحف بدنا , والأكثر حضورا ولكن بطريقته , رحل رجل المعارك الدائم بفمه نقاشات لا تنتهي عن (( ثورة )) أو ثورات لم تتحقق لمختار ولا واحدة منها , ربما لأنه كان يحلم أكثر من اللازم , لكني أشهد أن أعماقه ظلت ثائرة تبحث عن الجديد بلا جدوى !! , رحم الله مختار الذي أختار طريقا بلا رجعه أدى به إلى زاوية في التجمع يظل يناقش منها كمترس ليل نهار وعندما ادرك ألا فائدة , حيث ذهب صوته وجهده في البريه , قرر أن يرحل – كما رحل فؤاد عبدالعزيز بعد أن قالها (( العقل في هذه البلاد حنبة ))- , فاستجابت السماء لطهر نفسه فاستعاد رب العباد أمانته, رحم الله مختار . ذات مرحلة ليست هي مرحلة دمشق بالتأكيد ظل مختار يناقش , يستفز الآخرين , ويسجلون عليه الأهداف , فيعاود مبارياته بنفس الرغبة والثقة في أن ثورته قادمة, في الأخير أكتشف أن الحلم صار هباء منثورا , هو يكد ويتعب قراءة ونقاشا وتحليلا , والقديم يستولي على مواقع الجديد يوميا طوال مراحل الستينيات والسبعينيات – وما بعدهما- حين كان الكل ثائر بطريقتة , سواء كانت الثورة حلما حقيقيا أو زائفا , فقد تبين في الأخير أن مختار – وهو يمثل جيلا بحالة- خسر كل شيء وأنه لم يقد ثورة ولم يقترب منه تغيير !!! .جيل بحاله امتدت مساحة حلمه من كل المدن اليمنية إلى القاهرة وبغداد والكويت والجزائر وموسكو وبراغ وبودابست وحتى تخوم البلغار !!! , أحزاب وتنظيمات وتنظيرات , ونظريات حاول كل أن يركبها على الواقع فتبين أنها لم تكن لهذا الواقع , لكن الواقع أيضا لم يصنع لنفسه نظرية , وظلت رموزه الحية تتلقى الضربات من شارع 26 إلى منتزه التحرير !! , ظل الحلم يراود مختار وجيله , لكن تبين في الأخير أن الحلم هرم , وهرم الرجال , واينع النبت الشيطاني بلا مشروع ولا رؤية , لأن ذلك الجيل أيضا جيل مختار ظل يلوك نظريات معظمها حالم بالنسبة لهذا الواقع الذي لم يقرأه أحد بعمق إلا البردوني الذي لم يسمعه أحد !! . ذات لحظة تعاركنا ليلا في دكاكين صحيفة الثورة في شارع القيادة , نقاشا , وبالأيدي , مختار يحاول الترويج لثورته , وأنا لم أستوعب ثورة مختار , فقد كنا جميعا نعاني ولا ندرك , نمارس هواية الانتظار بلا جدوى , تبين فيما بعد أن لا أفق , وبدليل ما يحصل اليوم , الذي لو كان حضره مختار لمات عشرين مرة !!!ترى كم مختار آخر عليه أن يموت !! , رحم الله مختار الذي ذهب بدون أن يرى ثورته ولا حلم جيله …………….