رمضان فلتر العام
أهلا يا رمضان أهلا زائرنا الكريم, أهلا شهر اليمن والخير والبركات, أهلا بالكريم في عطائه والسخي في أجره, أهلا سيد الشهور من فضلت به أمة الحبيب محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم على سائر الأمم.
تمر الأيام والشهور سريعا بعمرنا المحدود والمعلوم مداه ابتداء وانتهاء, تمر سريعا بأثقالنا دون أن تتذمر أو تشتكي أو تتذمر حاملة في جعبتها الفرح والغم, والضحك والبكاء, الأحلام والأماني, لا يعنيها جودة أو رداءة ما تحمله, تاركة لنا حمل الأعباء والندم والحسرات على ما ضيعناه من الفرص والمكاسب الأهم التي كان كسبها أبسط وأيسر وأنفع لنا في دنيانا وأخرانا.
وفي المقابل تحملنا دون ان نشعر أو نشعر به ولا نعطيه اهتماما أو يشغلنا عنه نهمنا على الإقبال على زينة الحياة الدنيا فننسى أن لكل ضريبة وأنا مسؤولون ومحاسبون على ما كسبنا وما فرطنا به.
نهرب من واقعنا الى الأماني ونتعلق بطول الأمل وبالتسويف مستسهلين ما تلصقه بنا الأيام من أدران وأوساخ تتحول إلى أثقال ينوء بحملها اجلدنا وأشدنا واكثرنا احترازا.
نخدع انفسنا وندعي الصلاح والنجاة والاحتراز من الخطأ والكمال الذي لا يجوز لنا ادعاؤه مع علمنا أنه اختصاص إلهي لا يجوز لأي كان مجرد ادعاؤه فما بالك بأن يصرح بعضنا جازما بحيازته .
ولأن خالقنا يعلم ما خلق ويعلم ما سنواجه في هذه الحياة من مغريات ومن وساوس الشيطان وغرور الآدمية الضعيفة في امتحانات متواصلة ومحدودية قدرتنا وصلابتنا تجاهها, ولأنه الرحمن الرحيم الذي قال عن نفسه ( ما يفعل الله بعذابكم إن شكرتم وآمنتم وكان الله شاكرا عليما) (صدق الله العظيم).
وحين يتساءل جل شأنه بالاستفهام التقريري للمنافقين, فإن التقدير أي منفعة له في عذابكم إن شكرتم وآمنتم فنبه تعالى إلى أنه لا يعذب الشاكر المؤمن, وأن تعذيبه عباده لا يزيد في ملكه وتركه عقوبتهم على فعلهم لا ينقص من سلطانه.
لذا فقد عزز جهدنا وسعينا بما يضاعف لنا الأجر على الأعمال الخيرة والطاعات في مناسبات وأوقات متفرقة طوال العام, فكانت الجمعة بمثابة جائزة الخالق الأسبوعية وأوقات معينة للطاعات والاستغفار في الليل والنهار جائزته اليومية.
ولأنه غني ومستكف بذاته العليا فإن نفحات رحمته متنوعة ومتعددة ولأنه يريد لنا أن ننجح وننجو من النار فإن أبواب رحمته ومعين فضله بين ايدينا طوال العام, تتخلل الأحد عشر شهرا متوجا ذلك بجائزة العام (شهر رمضان) الذي بارك وأجزل فيه العطاء, مقسما إياه إلى ثلاث مراحل من عشرة أيام أول هذه العشر (للرحمة) وأوسطها (للمغفرة) وختامها (العتق من النار), ناهيك عن أن العشر الأخيرة فيها الليلة التي يشتاق ويرجو ثوابها كل ذي لب سليم يرجو لقاء ربه وهو راض عنه (ليلة القدر) التي تعادل الف شهر من الطاعات والعمل الصالح.
شهر رمضان سيد اشهر السنة وليلة القدر تاج كل ليالي العام وذروة النفحات الربانية لا يفوت خيرها إلا من ابى واستغنى بغروره وكبره.