قبل جنيف (1)
يتجه العالم باهتماماته حول مؤتمر جنيف الذي ينعقد بخصوص إجراء حوار يمني برعاية أممية بغية التوصل إلى حلول يتفق عليها لإنهاء مشكلة السلطة الانتقالية لما بعد الهارب عبد ربه هادي وزمرة التبعية لآل سعود.. ولما يحسب لانعقاد جنيف من توقعات وتوجسات ونتائج تكاد تكون فوق المقدور عليه من الجانب المعالجاتي للخلل الذي أحدثته منظومة الدول العشر المتورط جزء منها في التهيئة المسبقة للعدوان السعوأمريكي على الشعب اليمني من خلال مواقفها المتتابعة في النيل المباشر من سيادة اليمن واستقلال قراره.
ويعرف الكثير من المتابعين حجم الفشل الذي حازت عليه ما سميت بالدول الراعية نتيجة لعدم استجابتها واستيعابها لطبيعة الوضع اليمني المتنامية صحوته التحررية من البقاء تحت وصاية أطراف كشفت عن حقيقة حقدها وعدائها لأبناء البلد السعيد.. ولفهم وتقدير النتائج المنتظرة بصورة واقعية لابد من الإدراك بأن هناك مكاسب يمنية تحققت من جنيف على المستوى السياسي قبل انعقاده.. وتتصدر هذه المكاسب مسألة التخلص من محاولة الربط السيء بين العدوان السعوأمريكي وبين المشكلة المتعلقة بانتهاء فترة ومشروعية الهارب هادي الذي يعتبر المؤتمر أن صفحته ومن أتى به أحرقت بعد طيها نهائيا من على السلطة.. ناهيكم عن تحقيق حالة فرز جاد وهام للقوى الوطنية الفاعلة في ميدان الواقع العملي للساحة اليمنية ما كانت لتتحقق لولا تجمع مثل هذه الظروف.. إضافة إلى وجود أحد العوامل المتعلقة بالتخلص من أطراف كانت تحسب على كاهل الشعب اليمني كنخب سياسية بينما أثبتت أنها لم تكن سوى حدبات تفرز الشلل لظهر يمن فتي وشاب يستعد لبناء مستقبله بمشروع خال من التبعية ومحلي الصناعة والصياغة.. ربما تبدو القضايا المطروحة في جنيف بعيدة عن أولويات ميدانية وساخنة لكنها لا تؤثر على إمكانية تعطيلها أو التقليل من قدر الحصة التي سينتزعها اليمنيون من استحقاقاتهم المؤجلة بفعل الانتظار للطاولة. يتطلع الذاهبون من صنعاء إلى الهدف الأكثر أهمية من حيث ضرورة تحقيقه و هو التخلص التام من أي اتفاق يعطي مرجعية مشرعنة للخارج في الولوج إلى أروقة قرارات ترتيب السلطة اليمنية وعدم السماح لأي نسخة مشابهة للمبادرة التي كان يريد العدوان أن تبقى تحكم اليمن لنصف قرن.. كثيرة هي محددات جنيف ولكنها لن تفرض بنقيض توجه ورغبة اليمنيين في الداخل كون الشارع الثوري اليمني أصبح يعيش أزهى درجات المنعة والتنبه لمخططات الإيقاع والتوريط المتبادل.