الأهداف الحقيقية للحرب على اليمن

شكلت الحرب التي يشنها النظام الحاكم في السعودية على الجمهورية اليمنية بغطاء من بعض الانظمة العربية والاقليمية ودعم ومباركة أميركية مثارا لسجالات ونقاشات في العديد من الاوساط العربية والقومية والاسلامية. فهناك من وقف ضد الحرب من البداية وهناك من وقف الى جانبها وأوجد لها المبررات وهناك من ارتبك واحتار في موقفه فوجد نفسه في الوسط لا مع الحرب ولا هو ضدها. وهذا ما يدفع الى ضرورة تشخيص ما يحصل لتحديد المصلحة الوطنية والقومية للأمة العربية وقواها التحررية أين يجب أن تكون¿
من المعروف أن التحالف السعودي قد سارع الى حشد جملة من المبررات لشن الحرب ابرزها أن شحركة أنصار الله نفذت انقلابا ضد الحكم الشرعي برئاسة رئيس الجمهورية عبد ربه منصور هادي وأن ميثاق جامعة الدول العربية يسمح بالتدخل لوضع حد للانقلاب وإعادة هادي إلى الحكم وأن الانقلاب جرى بإيعاز من الجمهورية الاسلامية الإيرانية وأن اليمن بات خاضعا للاحتلال الإيراني وبالتالي فإن الأمن القومي العربي أصبح مهددا وبالتالي فإن الحرب هدفها إنقاذ اليمن من التفتيت والغرق في حرب مذهبية.
أولا: إن أي متابع لما يجري في اليمن لا بد له من أن يلاحظ أن هناك أزمة اقتصادية واجتماعية ووطنية تفجرت في الشارع منذ سنوات عديدة سابقة على اندلاع ما سمي بالربيع العربي وأن هذه الازمة ناتجة من سياسات النظام اليمني الذي تسبب بازدياد حدة التفاوت الاجتماعي وتهميش القطاعات الانتاجية وتحويل اليمن الى بلد تابع اقتصاديا وسياسيا وأمنيا يدور في فلك التبعية للولايات المتحدة الأميركية والنظام السعودي وبسبب تعنت النظام ورفضه الاستجابة لمطالب المعارضة الواسعة في البلاد لإحداث تغيير في هذه السياسات اندلعت الثورة ضد النظام. ولهذا فإن ما حصل ليس انقلابا بل هو ثورة شعبية ضد حكم تابع للنظام السعودي والدول الغربية الاستعمارية وأن الرئيس هادي فقد شرعيته الدستورية والشعبية وما يؤكد ذلك أن الثورة التي قادتها حركة أنصار الله جاءت تحت عناوين اقتصادية واجتماعية تطالب بالتنمية والعدالة الاجتماعية واسقاط «الجرعة» المتمثلة برفع الأسعار من قبل الحكومة وجاءت الثورة بعدما وصلت الأمور إلى مرحلة التهميش والإقصاء لقوى المعارضة الشعبية الأساسية ممثلة بأنصار الله والحراك الجنوبي ومحاولة الأنظمة الخليجية تعويم النظام القديم برئاسة هادي وتثبيت اقدامه ورفض تنفيذ مخرجات الحوار الوطني لإعادة تكوين السلطة على أسس من الشراكة الحقيقية.
وعندما رفض هادي التجاوب مع هذا الطرح غادر صنعاء إلى عدن وأعلن من هناك وبدعم سعودي عودته عن الاستقالة وعن الحكومة اليمنية الموقتة ما شكل تهديدا حقيقيا يقود إما إلى تقسيم اليمن أو دفع البلاد إلى أتون حرب أهلية ولهذا سارعت قوى الثورة بقيادة أنصار الله واللجان الثورية والجيش اليمني الذي انحاز بمعظمه إلى جانبهم إلى احباط هذا المخطط السعودي عبر الحسم الثوري وتحرير المحافظات الجنوبية في غضون أيام معدودة وهروب هادي إلى السعودية بعدما تبين حجم التأييد الشعبي الذي تحظى به قوى الثورة ولهذا فإن العدوان على اليمن جاء بعد انهيار النظام التابع للرياض وسيطرة قوى الثورة على البلاد.
ثانيا: من هنا إن ما حصل في اليمن إنما هو ثورة شعبية بكل ما تعنيه الكلمة من معنى وهذه الثورة تتجسد بوضوح في مشاركة ملايين اليمنيين في التظاهرات المؤيدة لأهداف الثورة الرافضة والمنددة بالعدوان. وبالتالي فإن توصيف ذلك بأنه انقلاب جرى بإيعاز إيراني ما هو إلا خداع وتضليل للرأي العام تماما كما هو الادعاء بوجود إيراني عسكري أو سياسي في اليمن. ولو كان مثل هذا الوجود فعلي فإنه يصعب إخفاؤه ولهذا فإن هذه الحجة للتدخل تحت عنوان تحرير اليمن من الهيمنة الإيرانية حجة غير صحيحة وتهدف إلى تعمية الرأي العام وإحداث استقطاب مذهبي لمحاربة الثورة اليمنية وإجهاضها وإعادة إخضاع اليمن للنظام السعودي. ثالثا: أما ذريعة أن هناك خطرا داهما على الأمن القومي مصدره سعي إيران إلى السيطرة على باب المندب فإنها ذريعة واهية لمنع الثورة اليمنية من النجاح في بناء نظام وطني مستقل قادر على استغلال ثروات اليمن وتحقيق التنمية والعدالة الاجتماعية بعيدا عن الهيمنة السعودية الأميركية. فهل يعقل أن تكون ثورة الشعب العربي في اليمن التي تنشد التحرر من التبعية والفقر والحرمان هي التي تهدد الأمن القومي العربي أو إيران التي تناصر قضايا العرب العادلة ومقاومتهم ضد الاحتلال الصهيوني¿
إن من يهدد الأمن القومي العربي فعليا ومنذ عقود طويلة هو العدو الصهيوني الذي يستبيح يوميا حقوق العرب ومقدساتهم في فلسطين المحتلة وكذلك الإرهاب التكفيري الوجه الآخر للصهيونية والاستعمار الأميركي المباشر وغير المباشر للعديد من الأقطار العربية والمعبر عنه بوجود القواعد العسكرية في السعودية وقطر والكويت وغيرها والتي

قد يعجبك ايضا