دروس مستفادة من عاصفة الحزم
حتى هذه اللحظة من العمليات العسكرية التي شنها تحالف ممالك آل سعود على الشعب اليمني فيما عرف إعلاميا بعاصفة الحزم توالت العديد من الدروس في العمل السياسي وحل الخلافات الدولية ومحددات اتخاذ القرارات السيادية بالطبع لن يستوعب هذه العبر سوى عقل واع وباحث عن الحقيقة فقد حمل الأسبوعان الأخيران من الحرب عظات للمهتمين بالشأن العام بقدر ما حمل من قتل ودمار وتقطيع لأوصال الشعب اليمني.
وفاة القومية العربية
يعتبر أبرز دروس العدوان على اليمن هو إعلان وفاة ما سمي قديما بالقومية العربية فقبل انعقاد القمة العربية بأيام أعلنت المملكة منفردة إطلاق عاصفة الحزم وسط مباركة من حلفائها بالطبع لم يخرج موقف القمة العربية عن نفس الموقف ولكنه كان مباركة لقرار المملكة لتعلن الجامعة العربية نفسها سادنا لبلاط صاحب الجلالة طال عمره .
من لايملك “أي حاجة” لن يملك قراره
كان الموقف المصري من الحرب درسا وحده في علوم السياسة فالنظام المصري الذي لا يملك شرعية أو شعبية أو سيادة ولا يفكر سوى في تسول الدولارات لسد حاجات الشعب بالطبع لن يكون له قرار مستقل فنظام ? يوليو يرتكز على شبكة مصالح من رجال الدولة والإعلام تعلمت المملكة كيفية استغلالها واستطاعت أن تمد نفوذها داخلها بعد أن أغدقت عليهم من أموال النفط خلال موجة ?? يونية.
أين البرلمان¿¿
قدم البرلمان الباكستاني وحده درسا آخر بعد أن رفض الاشتراك في عاصفة الحزم والتزم الحياد ودعم حل سياسي مع التأكيد على موقفهم الاستراتيجي في الدفاع عن المملكة بغض النظر عن تحليلات البرلمان الباكستاني وتشكيله إلا أن تعديله لقرار الحكومة الذي اتخذ على عجل بالمشاركة في حلف الحزم يرسم الفارق بين دول بها برلمان وممالك ودول عسكرية يحكمها فرد واحد يتخذ قراره منفردا وعلى الجميع دعمه أو مواجهته .
حماس الشباب وحكمة الكهول
الأزمة اليمنية مشتعلة منذ سنوات ولم تعلن المملكة في أي وقت ميلها للحل العسكري حتى لحظة توريث الحكم للملك سلمان وتولي ابنه محمد بن سلمان وزارة الدفاع فالشاب الجديد الذي يرى نفسه وريثا شرعيا للحكم يعلم أنه ستواجهه العديد من العقبات في سبيل العرش وأنه لابد أن يقدم جديدا عن أقرانه ليكون أولى بالحكم وأي جديد أفضل من إشعال حرب مع كيان أضعف كثيرا من أي دولة ليكون الانتصار مؤكدا فيجمع القائد الشاب جيوش ?? دول بيده ليعيد إلى أذهان رعيته حكايات السلف وقصص الفاتحين ولكن الحماس وحده لا يكفي فشعب المملكة الذي اعتاد استخدام عبيد وخدم من الدول المجاورة لن يقبل أن يدفع ثمن المغامرة من دم أبنائه.
الموقف الغربي والأمريكي
لم تتخذ الولايات المتحدة خطوة بخلاف الدعم اللوجيستي لعاصفة الحزم ولن تتخذ خطوات طالما لم تضطر لذلك فلا غضاضة من قيام حروب في دول الشرق طالما الحرب بعيدة عن المصالح الأمريكية خاصة الحليف الإسرائيلي بالعكس استغلت الحرب في الضغط على الخصم الإيراني لتحقيق مكاسب جديدة في مفاوضاتهم كما أن إفراغ مخازن الأسلحة السعودية وإنفاق فوائض النفط المتراكمة أصبح لزاما لتعود المملكة إلى شراء المزيد من السلاح الأمريكي وفي الوقت الأنسب لها ستأمر الولايات المتحدة فتتوقف المدافع والطائرات ويعود الجميع إلى الطاولة بحثا عن حل.
يوما بيوم ستزداد الدروس المستفادة من العدوان على اليمن وكلما توغلت أيدي الحلفاء وجيوشهم داخل الأراضي اليمنية ستتزايد الدروس والعبر ولكن ستكون تكلفة التعلم كل يوم أكثر من ذي قبل والتورط في الوحل لن يجلب سوى مزيد من الوحل بالرغم من أن الشعب اليمني سيدفع ثمنا باهظا من قتل لأبنائه وتدمير لبنيته التحتية إلا أن طويل العمر والجنرال سيدفعون من الثمن أكثر مما يتخيلونه وسيعميهم الطمع والغرور عن دروس يقرؤها الواعون .