متغيرات اليمن وأوهام المملكة

إن تفاقم حجم التضليل الإعلامي الكبير الذي تمارسه القنوات الإعلامية السعودية والخليجية وعلى رأسها قناتا العربية والجزيرة  في تشويه حقيقة الأزمة في اليمن من جهة ومحاولة التغطية من جهة أخرى على الكوارث الإنسانية والمجازر الجماعية بحق المدنيين الأبرياء التي ألحقتها طائرات التحالف في أكثر من مدينة يمنية وعلى أكثر من مخيم للنازحين في بلدي الجمهورية اليمنية هذا التضليل المتفاقم هدف إلى صناعة جدار عازل بين المشاهد العربي في السعودية وغيرها من الدول وبين حقيقة تداعيات الحرب على اليمن وكارثية نتائجها على الأرض وإذا كان هذا التضليل قد نجح في استغفال بعض من جمهور المشاهدين فإن القوى الحية في مجتمعنا العربي لم تنطل عليها أكاذيب الإعلام الزائف والفضائيات الموجهة إدراكا منها بخطورة انحراف بوصلة النضال العربي من مواجهة الاحتلال الصهيوني الغاصب وتحرير الأراضي الفلسطينية إلى افتعال حروب بينية (عربية ـ عربية)تحت عناوين مختلفة تعمل على إنهاك الجيوش العربية وتدمير عتادها العسكري في معارك وهمية لا تنتج سوى مزيد من تمزيق النسيج الاجتماعي والقضاء على فرص النهوض بالمشروع العربي  وهذا أمر لاحظته في نقاشي مع بعض الأصدقاء من مثقفي المملكة والأدباء العرب.
 طبيعة الأزمة في اليمن:
   لا شك أن تشخيص طبيعة الأزمة الداخلية التي تعيشها اليمن منذ موسم ثورات ما سمي بـــ (الربيع العربي) يعد من أهم المعطيات التي تقود إلى الكشف عن كارثية قرار الحرب السعودي في التعاطي مع المشكلة اليمنية ولعل من الأهمية بمكان  الإشارة في هذا المقام إلى أن أغلب القراءات التي قدمتها الأطراف اليمنية المتنازعة لطبيعة الأزمة التي تمر بها اليمن تكاد تجمع على أنها أزمة سياسية بالدرجة الأولى ولا نكاد نعثر على خلاف بينها في هذا التشخيص وما دامت كذلك فإن الحلول المناسبة لها لا بد أن تكون سياسية تعتمد أسلوب التفاوض والحوار وتقديم التنازلات والتوفيق بين الآراء المتباينة وصولا إلى تحقيق التسوية السياسية بين الأحزاب والقوى اليمنية المختلفة ويجب أن يصب أي تدخل إقليمي أو دولي لمساعدة اليمن على تجاوز محنته في هذا الاتجاه وبالتالي فإن إعلان المملكة الحرب على اليمن وتنفيذ ما يسمى بــ (عاصفة الحزم) يتقاطع مع طبيعة الأزمة اليمنية كما يتقاطع مع كل القوانين الإنسانية والأعراف الدولية والشرائع السماوية والأرضية ويعد عدوانا سافرا يعبر عن عقلية النفط الاستعلائية والتوحش الإنساني.
ستدرك المملكة مع مرور الأيام كارثية نتائج الحرب الظالمة التي حشدت لها دول الخليج وبعض الدول العربية والإسلامية ولكنها لن تدرك ذلك إلا في وقت متأخر بعد أن تحصد المئات وربما الآلاف من الأرواح البريئة وتدمر البنية التحتية للمنشآت المدنية والعسكرية وتدفع باليمنيين إلى حروب أهلية طويلة المدى وتنتج مشاكل جديدة أكثر خطورة وأشد فتكا على مختلف المستويات الحياتية للإنسان اليمني فضلا عن تسببها في تصدع العلاقات بين الشعبين الجارين وتعقيدها وخلق مزيد من مشاعر الكراهية في أوساط اليمنيين للسعودية ونظامها الحاكم وبالتالي فإن ما تروج له بعض الفضائيات على لسان بعض المحللين المرتزقة من اليمنيين وغير اليمنيين من أن هذه الحرب إنما جاءت لحل مشاكل اليمنيين وبناء اليمن الجديد يعد أمرا يثير السخرية ويبعث على الضحك والبكاء في الآن نفسه .
ولا شك أن السعودية  ستدرك أيضا بعد أن يعم الخراب سائر الوطن وتتشح أحلامه بالسواد أنها قد ضلت الطريق في الحصول على المفاتيح السحرية لتشخيص المشكلة اليمنية وفهم أبعادها ووضع الحلول المناسبة والعادلة من خلال أدوات القتل والتدمير البشعة وإنها كان  يمكن لها أن تحصل عليها قبل هذا العبث بالوقوف على مسافة متساوية مع مختلف الأحزاب والمكونات السياسية اليمنية والدفع لاستئناف جلوسها على طاولة الحوار التي كانت قد بدأتها في فندق الموفمبيك بصنعاء وقطعت شوطا كبيرا توصلت خلاله إلى التوافق على معظم نقاط الخلاف وكان يمكن التوافق على ما تبقى من قضايا مطروحة لولا أنانية بعض المكونات السياسية وارتهانها للقرار الخارجي على حساب المصالح الوطنية العليا للوطن .
متغيرات اليمن ومخاوف المملكة:
بعد التغييرات الأخيرة التي شهدتها اليمن في السنوات الأربع الماضية تزايدت مخاوف المملكة وساورتها الكثير من الشكوك والأوهام وتفلتت من أيديها خيوط اللعبة التي ظلت ممسكة بها لعقود من الزمن ولا سيما بعد أن تساقطت أدواتها في ثورة فبراير 2011م وتساقط ما تبقى منها في ثورة 21سبتمبر 2014م وشهدت الساحة اليمنية صعود قوى جديدة يأتي في طليعتها تيار أنصار الله الحوثيين المحسوب على محور المقاومة والصديق للجمهورية الإسلامية الإيرانية والمجاهر بعدائه لأمريكا وإسرائيل ومن يسير في ركبهما من الأنظمة العربية والحقيقة التي يجدر الاعتراف بها هي أن القوى المحسوبة على المملكة في الداخل ا

قد يعجبك ايضا