أقواس
محمدالمساح
تقول أمي في ما بعد إن جدك هو الذي قتل أخاك “سعدان” فقد أخفيته عنه ما يزيد عن سنة ونصف.
خوفا من عينه التي كانت تفتت الحجر وتذيب الحديد وتطفئ النار في غفلة مني خرج سعدان إلى الحوش الكبير وكان أبيض ممتلئا جميلا رائعا فتساءل جدك متعجبا: لمن هذا العجل¿ ركبته لتوه والحمى وظل على حاله ليسلم روحه في المساء.
ولم يستغرب أحد ما حدث فالذي يعطي هو الذي يأخذ.
كان جدك والعياذ بالله “معيان” ما ضرب بقرة أو نعجة أو دجاجة أو بني آدم إلا وأتى عليه.. وعينه لا تفرق بين ما يحب وما يكره بين ما هو له وما هو لغيره.
وكلكم فيكم شيء منه بهذا القدر أو ذاك.
ما قرأته وأثار فضولي يتمثل في تأمل تلك الملايين من أعشاش العناكب المختلفة الأحجام والتي تتجاور في ما بينها ومعنا بشكل يثير الفضول والإعجاب والشفقة فلا هي تبتعد عن العش الأبيض ذي الثقب المستدير ولا هي تعترض طريق أحدنا حتى وإن حاول استفزازها يبدو وكما لو أنها تخجل منا وتعمل جاهدة على إفهامنا بأن مهمتها الوحيدة هي حمايتنا من الذباب ومن باقي الحشرات تتلطف معنا حين تتراجع إلى الخلف وتظل تطل وتنتظر انصرافنا.
لو كان جدي حيا لقلت له إن قلم الرصاص ذاكم بشارة لا أدري ما إذا كانت خيرا أم شرا فالكتابة يا جدي العزيز مشقة بدنية ومعنوية عليك أن ترعى الموهبة طوال القوت تسقى تقلم تمدها بالسماد تظل تقلب الأمور على جميع أوجهها تبكي إذا لزم البكاء تعلب الحزن في علبة شفافة وتختزنه لتستخرجه من حين لآخر فتعيد تطعمه إنك إنسان بالنسبة للآخرين أو بالأصح إنك إنسان ونصف إنسان إذا ما تعلق الأمر بالإدراك والإحساس وبالصيغ الرائعة التي تستعصي على الآخرين.
“الطاهروطا ـ عن أخبار الأدب”