مرتزقة جدد
عبدالله بجاش


في عام 1989م أقرت منظمة الأمم المتحدة الاتفاقية الدولية لمناهضة تجنيد مرتزقة وتدريبهم وتمويلهم واستخدامهم في الحروب والغزوات وجرمت كل من يقوم بتجنيدهم أو تمويلهم واعتمدت تعريفا رسميا لهم ( بالمرتزقة ) على أنهم مستأجرون يحاربون من أجل دولة غير دولتهم تلبية لمصالحهم الشخصية.. ورغم أن الهدف من القرار كان للقضاء على ظاهرة مرتزقة الحروب إلا أنه خلق نوعا حديثا من المرتزقة ممن يعملون في دولهم ما دفع العديد من الدول صاحبة المصالح في دولة ما إلى تجنيد من الدولة نفسها وهذا ما يحدث حاليا حيث نجحت معظم الدول ذات المصالح في زرع مرتزقة من نوع حديث فهم لا يحاربون على أرض المعركة ولا يحملون سلاحا وإنما يعملون في الظلمة لأن قوانين اللعبة تبدلت وأصبح المرتزقة جزءا من المجتمع يتسترون خلف بعض الوجوه الوطنية أو خلف بعض الساسة لكنهم في كل الأحوال ينكشفون عند تنفيذ خطط الخداع ,لأن الشعوب الواعية المثقفة المنتمية لأوطانها قلبا وجسدا تمتلك حاسة سادسة تجعلها تستشعر عن بعد المصداقية تجاه الوطن وتحس بالخداع والمكائد وغالبا ما تكون في حالة من عدم الارتياح للمرتزقة لذلك يلاحظ دائما ما تحوم حولهم الشبهات لكذبهم وعدم مصداقية وطنيتهم لأنهم تحت الطلب ورهن الإشارة لتنفيذ أي مهمة يطلب منهم لذلك تجد ما يقلق الشعوب ليس أعداء الخارج وإنما مرتزقة الداخل الذين باعوا إنسانياتهم ووطنيتهم لأربابهم في الخارج مقابل أثمان رخيصة لتدمير شعوبهم ومكتسبات أوطانهم وهذا ما يحدث في الدول الأكثر اشتعالا مثل سوريا والعراق وليبيا وقد سبقتها دول مثل الصومال والتي مازالت تئن من حرب مستمرة قتلت وشردت المئات وإذا لم أقل سوف تتبعها نيجيريا وجمهورية أفريقيا الوسطى والتي يذبح شعبها على أيدي أبنائها المرتزقة وما تبثه القنوات الفضائية من مشاهد لمذابح يقشعر لها الأبدان وتعتبر وصمة عار على جبين أبنائها من المرتزقة.
من هذه القراءة البسيطة والسريعة لما أفرزه القرار الأممي دون قصد أو عمد ينتابني الخوف على وطني أن يقع من أبناء جلدتنا وهويتنا الوطنية في فخ شبكة المرتزقة الجدد نتيجة الوضع السياسي والثقافي والاقتصادي والاجتماعي المتأزم حاليا لتدخل البلاد في حرب تأكل الأخضر واليابس وفي الأخير نصبح من النادمين لضياع وطن حضنه الدافئ كان يتسع الجميع.
