سيبقى اليمن كبيرا
د. محمد حسين النظاري
منذ أن ولجنا الحالة التي وصلنا إليها اليوم وما رافقها من أزمة سيستفحل أمرها وسيستعصى حلها وستؤرق البلاد والعباد وبين هذا وذاك اتضح جليا أننا جميعا نفكر في صالح أحوالنا فقط… فالمتسلطون يريدون أن تكبر سلطتهم ويتسع نفوذهم والباحثون عن السلطة من أحزاب ومكونات سياسية لا هم لهم سوى إزاحة أولئك للتربح من وراء السلطة وبين الطرفين ضاع الوطن ومعه المواطن المسكين الذي يحلم بأن يستظل تحت سقف شرعية دستورية انتخبها ولا يرضى بغيرها بديلا إلا عبر نفس الصناديق الانتخابية تكون قوية وقادرة على بسط نفوذها على الكبير قبل الصغير وعلى التاجر قبل المستهلك وعلى الشيخ قبل القبيلي.
من منا فكر في صالح اليمن¿ ومن منا جعل صالح اليمن فوق صالح أمره¿ لا أحد إلا من رحم ربي فجميعنا هرول نحو مآربه, وسعى لتحقيقها ساعة بالتزلف وأخرى بالتملق والأمر من هذا وذاك أن يكون صالحنا فوق صالح اليمن ذاتها.
لو نظرنا إلى حالنا لوجدنا أن كل فريق ينصاع لتنفيذ أوامر قلة من الذين أرادوا الوصول للسلطة أو الحفاظ عليها بعيدا عن الإطار الدستوري الموصل إليها والمتمثل بصناديق الاقتراع إن الصالح العام لليمن ضاع بين من هم ملوك أكثر من الملك وبين من كانوا يظنون أنفسهم ملوكا وإذا بالأزمة الحالية تكشف المستور وتزيل الغطاء وتفضح كل شيء فلا نرى تحت القبة ولي ولا صالحا بل نجد بشرا ليسوا كالبشر.
هل لنا أن نرجع صالح اليمن إلى قاموس حياتنا من جديد¿ فيحكم فينا ولي الأمر بما انزل الله ونطيعه نحن على ما كان من أمره أساء أو أصاب فمرده للعلي القدير فللأسف الشديد يظن البعض أن التغيير المنشود ينحصر فقط في الخروج على وليا الأمر ومعاداته مع أن تغييرنا لأنفسنا هو الأمر الذي ينبغي أن يتم أولا وإذا ما أصلحنا حالنا مع الله سيصلح الله حال حكامنا معنا.
ففي الحديث الشريف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إنه قال: (كيفما تكونوا يولى عليكم) وأن ضعف بعض الحديث ولكن يؤخذ به في إصلاح الأعوجاج فمعنى الحديث كما هو واضح أن الوالي والأمير يكون من جنس المولى عليهم- رعيته- فإن كانوا صالحين كان مثلهم وإن كانوا فاسدين كان مثلهم والحالة التي يكونون عليها يكون عليها ولي أمرهم فهل نصلح أولا ليصلح ولاة أمورنا¿ أم نخرج عليهم ناقضين يد الطاعة لتفترق الجماعة وتعم الفوضى ويختلط على الناس أمرهم.
هل من صالح اليمن أن يحرم الأطفال من التعليم في المدارس¿ وتغلق الجامعات في وجه الشباب¿ بطبيعة الحال هذا ليس فيه أي صالح لليمن واليمنيين كذلك هو الحال للمنادين بعودة الساحات للاعتصام وبالتالي خلق أزمة متجددة وهو ليس حلا بل اغراق البلاد في دوامة من الفوضى.
ندعو الله العلي القدير أن يكتب لبلدنا الخير بعيدا عن هيمنة الدول التي تريد تحقيق مصالحها فقط والإ أين الدول التي ادعت أنها رعت اليمن في السنوات الماضية من حالة المواطنين التي ازدادت سوءا وتفاقمت أزماته وظلت تلك الدول تريد استغلال اليمن ليكون سلاحا لها فحسب ليحارب نيابة عنه في مكونات هي من صنيعتها.
ايها اليمنيون اليمن كبير وسيبقى كبيرا لن ينال منه من يريدون هدمه بالهروب من الاستحقاقات الدستورية التي تبقيه موحدا لا أن يتم تقسمه من خلال الأقاليم التي وزعت على طريق شطري بعيدا عن الدمج بين كل أجزاء الوطن وهي مآرب تسعى إلى تحقيقها الدول التي ترى في وجود يمن قوي غير مرغوب فيه.
نائب عميد كلية التربية والعلوم بجامعة البيضاء