كلنا زائلون وتبقى (اليمن)
فتحي الشرماني
ما الذي يصنع الحل¿ وما الذي يمنح الأوطان الاستقرار الدائم الذي يعطيها فرصة للانطلاق نحو الأهداف العليا من تنمية وتطور ونهوض¿ وما الذي يحقق الأمن النفسي والرضا الشعبي ويطفئ كل النزعات البعيدة عن المعاني السامية التي تحيا بها الأوطان وتتطور¿
إنه التراضي والتوافق, والتقاء كل النخب السياسية على طاولة مستديرة متسلحين بثقافة الحوار وحب الوطن والتنازل من أجله والخوف عليه من الانزلاق إلى منزلقات خطيرة يدفع الجميع ثمنها .. حوار الشركاء والأنداد لا الخصوم والأضداد, ولقاءات التناصح والتباحث لا الهيمنة واستقواء بعض القوى على بعضها .. يحركهم منطق السلام والشراكة لا منطق الغالب والمغلوب والمنتصر والمهزوم, فكلنا أبناء وطن واحد, وكلنا مسؤولون عن سلامته والحفاظ على مقدراته, وعداؤنا الحقيقي لمن يتربص بوطننا ويحيك له المؤامرات, وليس استعداء بعضنا لبعض, فحروب الإخوة لا منتصر فيها ولا مهزوم.
إن تغليب لغة العقل والتعمق في استيعاب الحالة التي وصل إليها الوطن ومعرفة ما المطلوب للمعالجة هي جميعها السبيل إلى إخراج هذا الوطن مما هو فيه من محن وأزمات متتابعة أقعدته كليا وجمدت نشاطه التنموي, وعرضت أمنه وسلامته للخطر,فلا مخرج حقيقي إلا بالحوار والتنازلات التي توصلنا إلى وطن معافى, وقوي أمام أعدائه, وهنا نؤكد أننا لا يزال أمامنا فرصة لصناعة ذلك, وإن كانت الأحداث الراهنة قد بلغت بنا مبلغا من الخلاف لم نصل إليه من قبل.
السلطة والمناصب ليست كل شيء في هذا الوطن الكبير .. بين اليمنيين من روابط الدم والأخوة والمحبة والصداقات والمصاهرات والجوار ما هو أغلى وأعلى وأسمى من السلطة والمناصب والمصالح الضيقة.
لذلك نقول ونحن في خضم هذه التطورات المؤسفة: لابد من ضبط النفس واستشعار المسؤولية الوطنية والدينية والتاريخية في ضرورة إخراج الوطن بسلام من هذا النفق المظلم الذي دخلت فيه, فالفوضى ليست في صالح أحد من اليمنيين, وإنما هي في صالح أعدائهم ممن يخططون لإضعافهم وتشتيت انتباههم وإشغالهم عن أهدافهم الوطنية.
أعطوا الاتفاقيات حقها من الالتزام والتنفيذ, ولابد من استعادة الثقة المتبادلة بين مختلف القوى السياسية, وانظروا إلى ما يعنيه هذا الوطن الكبير,وما يعانيه إنسانه من مشاق وتحمل, منتظرا مجيء الفرج الذي يجعله كغيره ينعم بحياة مستقرة هادئة, تحفل بكل متطلبات التطور والنهوض.
لا أنسى ضرورة وعينا نحن أبناء اليمن جميعا – نخبا وجماهير – بضرورة الإسهام مع إخواننا في الأجهزة الأمنية من أجل حفظ الأمن والسكينة وحماية الممتلكات العامة والخاصة في هذه الظروف الحرجة التي يمر بها الوطن, وكلي ثقة أن اليمنيين سيتجاوزون محنتهم ويصلحون ما اعوج من مسارهم السياسي وسيحكمون العقل والمنطق في حل خلافاتهم, والله الهادي إلى سواء السبيل.