أحاول تقديم التاريخ اليمني بقالب إبداعي.. وكتابة الرواية أشبه بالورطة
لقاء/محمد القعود

الروائي الكاتب المسرحي المبدع عبدالله عباس الإرياني أحد الأسماء الإبداعية الرائعة التي اثرت الساحة الثقافية بالعديد من الأعمال الإبداعيه المميزة والتي عكست مدي خصوصية وثراء وتميز هذا المبدع الكبير وما يملكة من تجارب فنية إبداعية ودراية كاملة وعميقة بما يكتب ويتناول في أعمالة من قضايا.. وخاصة حين يتناول جوانب ومراحل من التاريخ اليمني المعاصر.
في اللقاء التالي نتعرف على بعض محطات من حياتة ورحلته الإبداعية.
الهندسة والإبداع
* من الهندسة إلى الأدب ما هي الدوافع التي جعلتك تدخل هذا المجال ولماذا تأخرت في طرقه¿
– بداية أشكركم على هذه الاستضافة الحبيبة وكما هو دأبكم لتقديم زملائكم الكتاب للقارئ الكريم..أعود إلى سؤالكم وأقول: منذ طفولتي المبكرة كنت شغوفا بقراءة الأدب وفي نفس الوقت كنت طالبا يحب الرياضيات والمواد العلمية وأيضا كنت أشعر بشيء ما في أعماقي كأنه الحنين للكتابة إلا أن ذلك ظل كامنا لسنوات طويلة ولم يظهر إلا بعد اثنين وعشرين عاما من تخرجي من كلية الهندسة جامعة القاهرة ( تخرجت عام 1984م وكتبت ونشرت قصتي القصيرة الأولى عام 2005م.). وكما قال أحد علماء النفس لا أذكر من هو أن الكامن في النفس لا بد أن يخرج ذات يوم وذلك ما حدث لي ذات يوم من عام 2005 وربما أن ما دفع ذلك الكامن للانطلاق هو ما تعرضت له من عوامل خارجية لا مجال لذكرها في هذا المقام.
مع سيرة سيف
* هل لنا بلمحة تعيد إلينا المشاهد الأولى لرحلتك مع الكلمة المبدعة¿
– الكتابة موهبة إلا أنها لا تكون إلا بالقراءة الواسعة والمتشبعة في كل العلوم الإنسانية كذلك إثراء التجربة بالأحداث المتراكمة من الحياة ربما تأتي فكرة الرواية من مشهد عابر عمره ثوان ثم الكتابة المستمرة.
والقراءة أولا وأول ما وقعت عليه يدي وأنا في السنة الأخيرة من التعليم الابتدائي حيث كنت في تعز سيرة سيف بن ذي يزن وجدتها في مكتبة الوالد شفاه الله. أخذتني تلك السيرة المفعمة بالخيال الواسع لكاتبها المجهول وأسرتني إلى حد العشق تلك الملحمة الخيالية المطرزة بالجن والعفاريت وهي من ارتقت بي بعد ذلك إلى قراءة روايات جورجي زيدان نجيب محفوظ يوسف السباعي إحسان عبد القدوس وغيرهم من الروائيين العرب والروايات المترجمة. ووقعت تحت يدي وأنا في المرحلة الثانوية المجموعة القصصية ( بيت من لحم ) للقاص المصري يوسف إدريس ومنذ ذلك الحين أصبح القاص المتميز جدا يوسف إدريس هو كاتبي المفضل. أذكر بأني حزنت جدا لأن نوبل للآداب كانت من نصيب محفوظ حيث كانت الأخبار ترجح إدريس. كل ذلك طوال سنوات الدراسة في تعز رغم أنه لم تكن لي تجربة تذكر في الكتابة. وكانت زميلتي دائما خلال تلك الفترة شقيقتي وصديقتي المرحومة رمزية عباس تكبرني بسنتين فقط وإذا كنت قد بدأت بسيرة سيف بن ذي يزن فقد بدأت رحمها الله بألف ليلة وليلة إلا أنها سبقتني إلى الكتابة بسنوات طويلة: كانت تنشر قصصها القصيرة بصحيفة الجمهورية التعزية وأصدرت أول رواية لكاتبة يمنية بعنوان ( ضحية الجشع ) عن دار القلم بتعز عام 1970م. وكانت تمتلك رحمها الله إرادة لا تقهر استطاعت بها أن تقاوم كل الضغوطات التي كان يتعرض لها الوالد من بعض أفراد العائلة ومن خارجها لثنيها عن الكتابة في ذلك الزمن المبكر جدا على امرأة أن تكتب وتنافس الرجل.
وبعد أن سافرت إلى القاهرة لدراسة الهندسة في جامعتها لم أنقطع عن قراءة الأدب وخصوصا ليوسف إدريس إلا الكتابة لم أجربها. وفي العام الأخير من دراستي الجامعية انقطعت عن قراءة الأدب وكما كنت كذلك بعد تخرجي من كلية الهندسة وعودتي إلى اليمن في عام 1984م. تفرغت لعملي في الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة وأعمالي الهندسية الخاصة: أصمم وأشرف وأنفذ.
وفي عام 2001م عرض علي أحد الأصدقاء في اللجنة العليا للانتخابات أن أشارك في عملية قيد وتسجيل الناخبين وجدت في ذلك العرض فرصة للتغيير وخوض تجربة جديدة ومن ناحية أخرى هروبا من الملل. وكان أن تم تعييني رئيسا للجنة بلاد الروس وهناك شاهدت وعشت الوجه الآخر لليمن كيف¿ شرحه يطول. المهم أثرت في تلك التجربة تأثيرا عميقا أسقطتها في رواية الغرم صدرت عن مركز عبادي عام 2008م. وأدركت بعد تلك التجربة لماذا أخفقت النخبة المثقفة في تجاربها الثورية منذ ثورة1948م.¿
* وبعد ذلك..¿
عدت إلى الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة في عام 2003م بعد انتهاء الانتخابات البرلمانية وبعد تعيين رئيس جديد للجهاز حينها تم تعييني عضوا في المكتب الفني عمل مكتبي فيه الكثير من ساعات الفراغ وفي نفس الوقت ولسبب أو لآخر كنت قد زهدت عن الأعمال الهندسية الخاصة وهو زهد لم أدر ما كنهه ففيه كان الرزق الحلال الزلال. بداية مخاض الكتابة عند ت