أزمة التفكير

سهير السمان

العقل هو المنتج لما يدور حولنا ولا يتفعل إلا بآلية التفكير التي يمكن تعريفها بعملية هدم وبناء وإنتاج لمعطيات واقعية فتتكون صفة العقل من خلال تفكير الفرد.
والمشاهد من خلال الوا قع الذي نعيشه مدى تدهور الحياة التي نحياها على مختلف الأصعدة والنشاطات الحيوية وهذا ناتسج عن أزمة تفكير تعتري عقول الأمة العربية.
وحين يقال :إن الإنسان يحتوي على كون داخله هي حقيقة يجب أن نفهمها من تجارب العالم حولنا فالشعوب التي استطاعت أن تغير من واقع فرض عليها قرونا طويلة
من استعباد وانتهاك وحرمان ما كان ذلك إلا من خلال إعادة بناء التفكير بعد عملية هدم طالت مختلف الجوانب في الحياة بداية من إعادة التفكير في تلك المسلمات الأبدية
وتسلط العادات والنظرة العصبية استطاعت بعدها أن تجمع علوم البشرية وتجاربها وإخضاعها للدراسة والنقد والتحليل ووضع أسس علمية منهجية يقوم عليها العقل البشري لبناء الأمم
هناك حقائق في الدين وفي الكتب وفي أقوال المفكرين والقادة السياسيين لكن الحقائق في الواقع يجب أن نكتشفها بأنفسنا ودراسة الواقع هي ما يجب أن نتسلح بها لنواجه مشاكلنا.
ومشكلة العربي أنه يستعيد الحقائق التي وجدها في الماضي وما يسيطر عليه هو الخوف حتى حين يكتشف الحقائق الواقعية فمن يمتلك الحقيقة الفكرية يحتفظ بها لنفسه خوفا من قمع السلطة.
يقول أحد الكتاب اليابانيين وهو” نوتو هارا” ((دمرت اليابانيين تماما حين سيطر العسكريون على الإمبراطور والشعب وتعرضت اليابان لهجوم أمريكا عليها نهاية الحرب العالمية الثانية ودفع الشعب الياباني ثمنا باهظا ولكنا وعينا خطأنا وقررنا أن نصححه أبعدنا العسكريين عن السلطة وبدأنا نبني ما دمره العسكر واستغرق ذلك عشرين عاما وتعلمنا أن القمع يؤدي إلى تدمير الثروة الوطنية وقتل الأبرياء ويؤدي إلى انحراف السلطة والدخول في الممارسات الخاطئة كان علينا أن نعي أولا قيمة النقد الذاتي وبرأيي أن الشخصية السياسية أو الحزب أو الهيئة الاجتماعية التي لا تقبل النقد تنحط وتتدنى يوما بعد يوم حتى تصل إلى الحضيض فالحل ليس بأن نكره أمريكا الحل هو أن نعي أخطاءنا أما المشاعر وحدها لا تصنع مستقبلا))
إذا ما وصلنا إليه اليوم ما هو إلا إشكالية التفكير في التفكير وهو ممارسة التفكير نشاطه على نفسه وهذا يعود لصعوبة إدراكنا للواقع لأننا ننظر من خلال عدسة مشوهة من النظم والأطر المصفوفة مسبقا ومن تعليمنا التلقيني الذي لا يحتوي على التحليل النقدي والتعامل مع المعلومات كحقائق لتنحصر مهمة العقل على استعادتها من ذاكرته. يقول برتراند: إن كل إنسان تلتف من حوله سلسلة من الاقتناعات المريحة تتحرك معه أينما ذهب كسرب من الذباب في يوم حار”

قد يعجبك ايضا