عبدالجليل عثمان …
عبدالرحمن بجاش
كلما هوى علم هوى قلبي وعقلي معه, وكلما قدم إلى مسامعي خبر على استحياء ينعي أحد الكبار الذين لا تراهم سوى الأرض أزداد خوفا على بلد نريد أن يتحول إلى وطن نكون جديرين بالعيش فيه ونستحقه, نحبه ويحتضن أرواحنا ألقا, كما هم المقاتلون على حريته ووجوده بل وديمومته في عقول الناس أمثال هذا الرجل الذي غادرنا بهدوء كما عاش السنوات الأخيرة في تعز العميد عبدالجليل عثمان أحد من عانقت رؤوسهم هامات النبي شعيب ونقم, وفي عيبان تركوا الأثر في ذاكرة الطيبين وعادوا إلى قراهم خجلين إحساسا منهم بأنهم لم يقدموا كلما أرادوا تقديمه لهذه الأرض بينما هم قد قدموا دماءهم زكية في سبيل الانعتاق والغد الأفضل الذي سرقه من سرقه وها هو يتبجح بأنه صاحب الفضل بينما الفضل لله أولا وللجنود البواسل أمثال عبدالجليل عثمان الذي لحق الكبار وعاد إلى مرابعه الأولى بعد أن أحس أنه قدم للجبال والسهول لب حياته الأولى, عاد إلى بيت متواضع في عصيفرة تعز لم يقل يوما كما كان سعيد أحمد غالب, وهائل محمد سعيد صاحب شعار (الجمهورية أو الموت), وعبدالرقيب, والوحش, وكل الرجال الكبار الذين تشهد لهم الأحجار والأشجار قبل البشر, ذلكم هم أبطال الصاعقة والمظلات والمشاة وألوية النصر, والثورة, والعروبة, وكتائب الحرس الوطني من تركوا مآثرهم ولم يطلبوا ثمنا !!!, ولم يغفر لهم صمتهم وتضحياتهم بعد أن تسيد المشهد من باع وبالرخيص وسرق سبتمبر وسرق حاضر الناس ومستقبلهم, العميد عبدالجليل عثمان كما هو عبدالله غانم, والحزيمي والبتول, وصويلح, والسنجم, وفيصل شمسان, وبشر, والظرافي, والجرادي, وعبده ناجي ومنصور محمد احمد ناجي, وفيصل سيف احمد واحمد عبد الله البطر, وعبدالكريم سيف, وعبده صالح, ويحيى سرور, وعبدالقادر عبده ناجي, وعبده محمد علي, وعبدالجبار نعمان, وفرحان, وعبده قاسم الشيباني, وعبدالجليل نعمان, والمعمري, وعلي شعنون, وسيف الزجا, وكم سأذكر من الرجال الحقيقيين من اليمن كلها الذين قدموا وذهبوا , ومن أطال الله عمره, عاد إلى قريته بهدوء لا يشير إلى نفسه أبدا , بل بالعكس إذا قلت له: أنت قدمت, قال لك: واجبي, مقابل من لا يزالون يستلمون ثمن هروبهم إلى اليوم ولم يشبعوا لسبب بسيط أن فاطر رمضان لا يشبع (تونه) وكدم أبدا !!, كم أحس بالقهر على هؤلاء الأبطال الذين ذهبوا بصمت والشرفاء الذين يعيشون كفاف يومهم, اسألوا علي شعنون كيف يعيش !!!, بينما لا يزال من باع كل شيء يواصل البيع, ويدعي في كل ندوة ومؤتمر أنه من ناضل وقدم, ويستلم الثمن كل يوم, لكن اليقين كل اليقين أن زمن هؤلاء الأبطال من مثل العميد عبدالجليل عثمان سيأتي وسيعودون إلى أذهان الناس وافئدتهم وواجهات الشوارع, وها هو الأمل يطل من جديد باطلاق أسماء بعضهم على الشوارع التي أبى البياعون ألا يمر أي قرار لتسمية الشوارع, لم يخجلوا أنهم سرقوا الثورة فعملوا على قتل أبطال السبعين بكل ما استطاعوا من مال ونفوذ, لكنهم لم يستطيعوا شراء الذاكرة الجمعية, فإذا البردوني والنعمان والجاوي, وإبراهيم الحمدي وعيسى محمد سيف سيزينون الشوارع بأسمائهم وعلى كل محافظة أن تزين شوارعها بأسماء أبطال اليمن الحقيقيين, ويقيني أن أبطال القوات المسلحة الحقيقيين ستزدان بهم بقية الشوارع ذات لحظة في المستقبل وتذكروا جيدا أن من لم يكن لهم دور سوى الهروب, ستلفظهم الشوارع, وستختفي كتب حملت أسماءهم زورا وبهتانا, ورحم الله السلال.