الوعي المسلح !!
عبدالرحمن بجاش
كان خطيب الجمعة لا يزال يحدث المصلين عن صلة القربى, لحظة أن ولج من الباب أحدهم حاملا سلاحه والتكشيرة المرفقة, شق طريقه بين المصلين إلى حيث أختار مكان الجلوس, ليتوافد بعده مسلحوه أو حرسه أو مرافقوه, لا فرق, مشهد ربما لم يعد جديدا إلا بالثلاثة الأطفال الوسيمين ومن على وجوههم البراءة تعلن عن نفسها (هاأنذا)!! , وأن كانت اللحظة لم تحتمل أي براءة!!, ثلاثة يبدو أنهم أخوة, بدا ذلك من وجوههم البيضاء ووسامة ملامحهم خاصة الأصغر, مر أمامي أحد الهنود بملابسه البيضاء, زنة بيضاء أبانت كرشه الضخم, صاحبي بكرشه ظل يتابعه, فاضطررت للابتسام متخيلا صاحبي بنفس القميص, جلس الهندي إلى جانبي, ولاحظت أن نظره ظل مرسلا إلى سلاح الطفل الأصغر الذي لا يتعدى عمره العاشرة بالكثير, سلاحه أطول منه, الثاني ربما ثلاثة عشر عاما, والثالث قل خمسة عشر عاما, هؤلاء يفترض , حدثت نفسي يكونون في المدرسة, وحين يأتون إلى المسجد ففي يد كل منهم كتابا أو دفتر أو قلم في جيب كل منهم, لكن يبدو أن هذا منطقي ومنطق الهندي الطيب والمسالم القادم من الهند حيث يعبد الله والشجر والنهر والبقر وبوذا, ونحن نعبد الله ولا إلاه لنا غيره هم لا يعرفون إلا سلاح الدولة ونحن نوجه السلاح في وجه بعضنا!!, لكنهم برغم كل ذلك التفاوت في العبادة لا يحملون سلاحا, ولا يوجد في بلادهم رحبة النفس غير سلاح الدولة, الذي دخل بعدها بلحظات في أيدي مرافقي المسؤول الأول , تبعه مسؤول آخر بمرافقيه لتملأ الصفوف قطع السلاح !!! , ظل نظري يتنقل بين سلاح المواطن وسلاح الدولة وظل السؤال الآخر يقهر روحي ومحاولاتي في تتبع الخطيب تفشل, إذ كانت النفس ترتعش فقط توقعا وخوفا فيما لو قرحت بين سلاح الدولة وسلاح المواطن في المسجد حيث أمان الله , من ستكون له الغلبة !!! , والطفولة اين سيكون مكانها ¿¿¿ وأنا بشميزي وفوطتي والهندي بقميصه أين سنكون ¿ ومع من نكون ¿ وهل نحن كائنان ¿ , أسئلة تظل بلا جواب , والجواب الوحيد الذي يتراءى أمام عينيك أن ثمة من يرسخ الوعي المسلح لينتج بالتالي مستقبلا مدججا بالسلاح , ليبرز سؤال ملح لا أجد له جوابا ونحن نلج العام الثالث والخمسين : كيف ¿ وبس ……………..