لماذا لا نقتدي بالمسار الديمقراطي التونسي ¿

د/ عبدالله علي الفضلي

 - لقد قطعت الجمهورية التونسية شوطا كبيرا في العملية السياسية والانتقال السلمي للسلطة مستخدمة في ذلك كل الوسائل الديمقراطية السلمية , كما ابتعدت عن العنف والتطرف وقد تحقق للشعب
د/ عبدالله علي الفضلي –
لقد قطعت الجمهورية التونسية شوطا كبيرا في العملية السياسية والانتقال السلمي للسلطة مستخدمة في ذلك كل الوسائل الديمقراطية السلمية , كما ابتعدت عن العنف والتطرف وقد تحقق للشعب التونسي ما كان يأمل في تحقيقه من ثورة الياسمين في الوصول إلى الحكم الرشيد والحكومة المدنية الحديثة القائمة على المبدأ الديمقراطي السلمي والقبول بالآخر و الاحتكام إلى صندوق الانتخابات الذي فيه القول الفصل للشعب التونسي .
وقد مضت تونس في العملية السياسية على مراحل متعددة وكل مرحلة أخذت حقها من الشد والجذب والمد والجزر والتناوش والتنافس بين كل القوى الوطنية على مختلف اتجاهاتها السياسية والعقائدية ومرت بالعديد من الإرهاصات الديمقراطية وأجريت العديد من الانتخابات الرئاسية والبرلمانية وتشكيل الحكومات الانتقالية وفقا للتفاهمات والتوافقات بين الأحزاب حتى توجت تلك الإرهاصات بإنجاز الدستور التونسي ثم الانتخابات البرلمانية وتلتها الانتخابات الرئاسية التنافسية وقد كان الرجلان المتنافسان على الرئاسة الرئيس المرزوقي والباجي السبسي عند مستوى التحدي وخاضا غمار الانتخابات بقوة وبثقة كبيرة وقد كان لكل منهما برنامجه الانتخابي المتضمن للمطالب الشعبية التونسية .
وعلى الرغم أن الانتخابات قد جرت في جو مشحون بالتعبئات الحزبية والمناوشات السياسية بين القوى التونسية الفاعلة إلا أننا لم نسمع أن الرئيس السابق المرزوقي قد استغل منصبه كرئيس دولة لاستغلال إمكانات الدولة بكل أشكالها وأنواعها ليفوز في الانتخابات وإنما خاض الانتخابات اعتمادا على المنافسة النزيهة والبرنامج الانتخابي بالإضافة إلى مؤازرة أنصاره وشيعته من حزبه وقد فعل ذلك احتراما لمبدا التنافس الشريف بينه وبين منافسه السبسي وكان الجدال بين المتنافسين هو تحقيق مطالب الشعب التونسي التي خرج من اجلها عام 2011م وهنا لا يسعنا إلا أن نشيد بدور حزب النهضة بقيادة الغنوشي الذي كان محايدا إلى أبعد مدى ولم يكن مصرا على الفوز بالانتخابات وبالتالي لم يهدد أو يتوعد كإخوان مصر بل إنه قرر عدم الخوض في الانتخابات أو الترشح للرئاسة وذلك رغبة منه لإتاحة الفرصة للشعب التونسي ليقول كلمته ويختار من يشاء. وقد أسفرت نتائج الانتخابات الرئاسية عن فوز المنافس قائد السبسي وأعلن فوزه أمام أنظار العالم , وما كان من منافسه الرئيس المرزوقي إلا الاعتراف بالفوز وقبل بنتائج الانتخابات الحرة المباشرة والتي جرت على مرحلتين ولم يشكك في نزاهتها. وهكذا أثبت الشعب التونسي للعالم أن هناك أمل في تطبيق الديمقراطية في العالم العربي إذا مورست الديمقراطية بالطريقة الصحيحة والابتعاد عن المكابدات والإقصاء والتهميش والقبول بالآخر وأن تكون المصالح العليا للبلاد هي فوق كل الأحزاب وهذا ما فكر فيه القادة التونسيون حينما جعلوا مصلحة تونس والشعب التونسي فوق كل اعتبار ولهذا نجحت العملية السياسية التونسية بامتياز طالما هناك إرادة قوية وإخلاص النوايا وإثبات المصداقية من خلال صناديق الاقتراع وبدوره أشار الرئيس الفائز بالانتخابات بأنه سوف يتوافق مع كل القوى التونسية لتشكيل الحكومة القادمة ولن يهمش أو يقصي أحدا مهما كان انتماؤه الحزبي أو السياسي .
فلماذا لا نجعل من خطوات تونس الديمقراطية قدوة واتباعا لنا في اليمن حتى نخرج من هذه المحن والصراعات القائمة وممارسة العنف والاقتتال وزرع المزيد من الأحقاد والثأر بين مختلف شرائح المجتمع اليمني الذي ينشد الأمن والأمان ويتطلع إلى تحقيق الآمال والطموحات كالاستقرار السياسي والاقتصادي وتحسين الوضع المعيشي للمواطنين والاستثمار والسياحة والصناعة والتجارة والتعليم والممارسة الكاملة لحقوقه السياسية ¿
فلماذا لا نسرع في العملية السياسية منعا للمزيد من التدهور في كل مناحي الحياة وترجمة مخرجات الحوار الوطني إلى مخرجات حقيقية ونبدأ في تطبيقها على مراحل مزمنة خاصة ما يتعلق منها بقضية صعدة والمشكلة الجنوبية ¿

قد يعجبك ايضا