الواجب لتجاوز أزمة “السلم والشراكة”
عبد الوهاب الشرفي
كان الوصول لاتفاق السلم والشراكة خطوة جيدة ومميزة ويمكن من خلال تنفيذ بنودها وضع البلد على المسار الصحيح الذي يمكن معه المضي إلى الأمام والخروج من الوضع الانتقالي الحالي والسماح بشغل مختلف الأوعية في البلد عن طريق عمليات ديمقراطية و سياسية طبيعية .
كان السياسيون قد توصلوا إلى اتفاق السلم والشراكة على خلفية الأحداث التي شهدها البلد في الـ 2014 م , ولكن ما لم يتنبهوا له بعد الـ 21 من سبتمبر 2014م هو أنه لم يكن اتفاق السلم والشراكة هو الذي حسم الموقف حينها وإنما كان الحدث قد سبق العمل السياسي وانتهى الحدث بالحسم العسكري في ذلك التاريخ .
هذا الحسم العسكري الذي تم في الـ21 من سبتمبر ترتب عليه قيام حالات خاصة وجدت كواقع لم تكن أخذت في الاعتبار عند التفاوض والتوقيع على اتفاق السلم والشراكة وكانت هذه الحالات هي منطلق لإقدام الأطراف الموقعة على الاتفاق على خطوات مثلت خرقا للاتفاق وأدخلت المكونات السياسية في حالة من تقاذف المسئولية وضعت البلد أمام أزمة جديدة ربما هي الأخطر عليه وعلى مستقبله منذ العام 2011م .
حالة الانفلات الأمني التي صاحبت الحدث في الـ 21 من سبتمبر فرضت واقعا تطلب وجود لجان شعبية لحفظ الأمن من جهة ولملاحقة عناصر الإرهاب التي كان يخشى من تنفيذ ما توعدت به كرد فعل على الإطاحة بقوى النفوذ في ذلك التاريخ.
حالة وجود معسكرات كانت خاضعة لقوى النفوذ وليس لوزارة الدفاع فرضت أن تقوم اللجان الشعبية بسحب آلياتها وعتادها لتحريزها باعتبار بقائها في أيدي القيادات التابعة لقوى النفوذ يمثل خطرا وقد يتسبب في مواجهات جديدة وقد تتسرب من أيدي الجميع نتيجة الوضع الذي ساد حينها .
حالة الحسم بالقوة للحدث مع عدم تغير أي شي في مؤسسات وأجهزة الدولة جعل التخوف من تحول قوى النفوذ عبر جيوبها وشبكاتها وعلاقاتها في تلك المؤسسات والأجهزة إلى الانتقام بضرب ما تبقى من بنية الدولة واقتصادها ومواردها المتبقية ونحوه ما تطلب قيام لجان رقابة ثورية للحد من وقوع ذلك قدر الإمكان .
بانتهاء الحدث بدأ فخامة الرئيس هادي في مطالبة أنصار الله برفع لجانهم الشعبية ووقف توسعها ووقف عمل لجان الرقابة الثورية وتسليم أسلحة الدولة المأخوذة من معسكرات النفوذ واعتبر عدم التنفيذ الفوري لذلك خرقا لاتفاق السلم والشراكة , وأنصار الله بدورهم لم يكن من الممكن لهم تنفيذ تلك الطلبات فورا للاعتبارات السابقة ودون أن يبدو استعدادهم واضحا لتلبيتها فور معالجة تلك الاعتبارات , وتبعا لذلك وجدت حالة احتقان بين هادي وأنصار الله ترتب عليها الهجوم الحاد من هادي على أنصار الله ورد أنصار الله بالتوسيع والتأكيد على قيام تلك اللجان الرقابية وعلى نفس آليتها في العمل وبدأت حالة من تقاذف المسؤولية تطورت وتعقدت ووصولا إلى قيام هذه الأزمة الحادة التي نراوح في ظلها .
يراوح البلد اخطر أزمة في ظل أفضل فرصة تهيأت له للتغيير بعد الإطاحة بقوى النفوذ التي كانت تمثل العائق الرئيسي أمام المضي لأي تغيير حقيقي في البلد , واتفاق السلم والشراكة لا يزال مثاليا لعبور البلد هذه المرحلة ولكن التزام الأطراف بتنفيذه أصبح يتطلب تهيئة على الواقع تسمح لكل الأطراف بتنفيذ التزاماته في الاتفاق دون أي مخاوف , وبعبارة أخرى مطلوب معالجات خاصة للأوضاع الخاصة التي وجدت نتيجة الحسم العسكري للحدث في الـ 21 سبتمبر ولمضاعفاتها .
بناء على ما سبق أضع الحل المقترح التالي باسم جهاز الرصد الديمقراطي سيرا على ذات النهج الذي حاول به الجهاز أن يساهم في حل أزمات سابقة من خلال مبادرتيه السابقتين , الأولى الواردة في المقال ” هذا هو المخرج إن أردتم مخرجا ” والثانية الواردة في مقال ” مبادرة فخامة الرئيس يجب أن تطور ” وهما مقترحان نشرا في الكثير من وسائل الإعلام واسهما بقدر ما في التقريب بين المكونات السياسية والوصول لاتفاق السلم والشراكة , ويتمثل هذا الحل المقترح في الآتي : –
أولا – يطلب من اللجنة الاقتصادية أن تعد فورا مصفوفة تأهيل وتفعيل لأجهزة الرقابة المختلفة تتضمن التعيينات والرفد بالخبرات والكفاءات والكوادر اللازمة وغير ذلك من الإجراءات والدور و المواصفات والمهام الاستثنائية والتقارير ونحوه مما يضمن نقل مستوى عمل أجهزة الدولة الرقابية إلى المستوى المطلوب للمرحلة , وترفع المصفوفة لفخامة الرئيس ولدولة رئيس الوزراء لإصدار القرارات والتوجيهات بتنفيذها على واقع تلك الأجهزة , وبالمقابل يتوقف أنصار الله عن آلية الرقابة الثورية المتبعة حاليا .
ثانيا – يوجه رئيس الجمهورية وزارة الدفاع والداخلية