هند هيثم وحرب الخشب
رياض حمادي
نشرت هند هيثم ثلاث روايات – على حد علمي – هي: “حرب الخشب 2003”, “ملوك لسماء الأحلام والأماني 2003” و “الأنس والوحشة 2006”. في رواياتها الثلاث تكتب هند بحرفية وتعطي انطباع منذ روايتها الأولى بأن قدرها الكتابة وكتابة الرواية تحديدا. السرد في “ملوك” و “الأنس” يغلب عليه الهذيان الشعري, بينما حبكة “حرب الخشب” هي الأكثر تنظيما وتتحدث عن الثأر بين أسرتين يمنيتين وأثره محليا في ضياع مستقبل الأبناء وتفكك المجتمع وأثره السلبي خارجيا على القضية الفلسطينية ودمار العراق.
حرب الخشب
تبدأ الرواية – الصادرة عن مركز عبادي للدراسات والنشر 2003- بالأم وهي تودع ابنيها “عمر” و “زهرة” وتوصي “علي” بهما خيرا وهم في طريق فرارهم إلى عدن. ستعلم لاحقا أن سبب تهريبهم هو خوف الأم على حياتهم من الثأر وأن “عمر” و “زهرة” هما ما تبقى لها من ستة أبناء قضى الثأر على 4 منهم ولولا إصرار الأم على إنقاذهما من شبح الثأر لكانا قد قضا نحبهما, وهو ما سيحدث في نهاية الرواية حين يتم قتل عمر في صنعاء بعد أن حصل على الدكتوراه في العلوم السياسية وأصبح أستاذا في جامعة صنعاء.
عمر هو الراوي للأحداث في الرواية ويستهل القسم الثاني منها بالحديث عن أخيه عبدالله, وهو الابن البكر لسالم وأفضل أولاده. يقتل في يوم تخرجه من كلية الطب بتقدير امتياز. يقول عنه عمر أنه كان شابا وسيما وذكيا “رقيق كالنسيم, طيب القلب, محب للناس جميعا, ومحبوب من كل الأعمام والعمات والأبناء”. لكنه يقتل أثناء احتفاله هو ومجموعة من أصدقائه على يد أسرة آل عمر سالم بعد أن اعتقدوا أن شوكتهم قد انكسرت بعد الجولة الأخيرة من الثأر بينهم وبين أسرة عبدالله.
تجتمع الأسرة لتقرر القيام بغارة كبيرة مباغتة على أراضي آل عمر سالم لكنهم يفاجئون بهجوم مباغت عليهم وعلى رأسهم كبيرهم عبدالقوي عمر سالم, كاد أن يودي بهم جميعا لولا تقهقرهم إلى الأراضي الزراعية ثم الاسطبل. هناك يختبئ عمر بين كومة من القش, ويشاهد عبدالقوي عمر سالم وهو يصعد على الشجرة بخفة ومن هناك يقتل أخ لعمر هو سليم وابن عمه محمد منصور. بعدها يقرر عمر, وهو الطفل ذو الأربعة عشر عاما, الخروج من كومة القش ليقتل كبير أسرة آل سالم (عمر عبدالقوي). بعد قتله يفكر في الذهاب للبكاء في حضن أمه, لكنه يتذكر أنه قد أصبح قاتلا وهو بذلك قد تجاوز مرحلة الطفولة وأصبح رجلا. “حاول الجميع معرفة قاتل عبدالقوي عمر سالم لكنهم لم يفلحوا” ولم ينبس عمر بحرف بالرغم من الاغراءات الكثيرة التي قدمها أبوه للقاتل إن ظهر.
ظل عمر محتفظا بهذا السر طيلة حياته, حتى بعد رحيله هو وأخته زهرة إلى عدن. في عدن يتعرف عمر على “ماهر” ويصبحان أصدقاء بعدها يعرف أنه أحد أحفاد عبدالقوي من ابن رحل إلى المدينة مبتعدا عن مشاكل الثأر. ثم يتزاملان في جامعة صنعاء وهناك يعترف ماهر لعمر بأنه كان يعرف بأنه قاتل جده وينصحه بالتراجع عن آراءه العقلانية حول القضية الفلسطينية وإلا سيتم قتله بسببها. يرفض عمر التراجع عن آراءه. في هذه الفترة يتم عرس أخته زهرة فيرفض العودة إلى القرية لحضور العرس, يزوره عمه منصور ويتهمه بأنه جبان ويتوعده بالقتل إذا لم يحضر. فيقتله بطريقة غير مباشرة. يقتل عمه منصور الدكتور ماهر فتقرر أسرة آل عمر سالم الثأر بقتل دكتور العائلة الوحيد وهو ما يحدث في ختام الرواية عندما تظهر سيارة هيلوكس “حمولة نصف طن, تقف عند رأس الحارة, ويخرج منها ثلاثة مسلحين …..” والبقية يعرفها القارئ لأنها مشابهة تماما لمقتل أخيه عبدالله.
وهكذا يذهب الكثير من الضحايا أغلبهم أطفال أو في ريعان الشباب من أجل قطعة أرض تظل بور على الدوام وكل ذلك بسبب الثأر الذي يتم ربطه في الرواية على نحو ذكي بالقضية الفلسطينية وضياع العراق, لتقول بأن تداعيات الثأر أكبر من السياق المحلي, فتعزوا ضعفنا وانقسامنا إلى الثأر والخلافات الدينية والمذهبية والسياسية. فعمر يخلص إلى استحالة استعادة القدس ورفع الاحتلال الإسرائيلي “لأننا مختلفون حول ما نطالب به ونعمل من أجله, هل نطالب بالسلام فقط مع الاستعداد التام لدفع أي ثمن مقابله ¿, أم استعادة أرض ثمانية وأربعين ¿, أم تدمير دولة إسرائيل واستئصالها من الوجود ¿ – ثم من لدينا ليقود الكفاح ضد إسرائيل ¿! – من يمكن أن يقود فلسطين ويكون غير متعفن بفعل إدمان السلطة الوهمية, أو بفعل الغرق في وحل التواطؤ مع العدو بحثا عن سلام وهمي قائم على أجساد الصغار الغضة ¿…” (الرواية ص 97).
هناك تفاصيل أخرى كثيرة في الرواية ومشاهد مؤلمة يخلفها الثأر. وبالرغم