مرحى يا عراق .. داعش في الصورة وتحت المجهر:
أ.د.عمر عثمان العمودي
المفاجأة الكبيرة أو بالأصح المفاجأة الكبرى التي أحدثها التقدم العسكري السريع لتنظيم الدولة الإسلامية ((داعش )) في الموصل ومناطق أخرى كثيرة في شمال العراق ((يونيو2014م))أثارت تساؤلات كل الساسة والمراقبين والمتابعين لتطورات الأحداث السياسية والاجتماعية في بلاد المشرق العربي وحتى أولئك المتدخلون والمتورطون فيها: كيف أنجز ما أنجز.. وكيف حقق ما حقق¿ كيف تمكن في أيام معدودة من الاستيلاء على حوالي ثلث مساحة العراق إضافة إلى ما يدخل في سلطته من مساحات أخرى في شرق وشمال سوريا وبدأ معها يتطلع إلى بغداد وإلى أربيل في قلب كردستان العراق¿ أين كان الجيش العراقي الذي لا يقل عدد أفراده عن مليون جندي من حدوث ما حدث¿ ولماذا ترك مواقعه وسلاحه لعدوه وبلا مقاومة تذكر أوقتال يذكر¿من وراء جبروت داعش وتطور قدرات وقوة وإمكانيات هذا التنظيم وهذه الجماعة¿ كيف تسنى ويتسنى لهم القتال وعلى أكثر من جبهة وعلى أكثر من ميدان وميدان وفي وقت واحد¿ ما علاقتهم بتنظيم القاعدة العالمي التوجهات وفروعه الأخرى في بلاد المشرق والمغرب العربي وفي دول أفريقية أخرى¿ ما مدى علاقة داعش و الدواعش بالفكر الإسلامي السلفي المتشدد¿ ماذا يقال عن هذا التنظيم من قبل أعدائه¿ وما الذي يقوله عن نفسه¿ إلى أين يمضي و إلى أين يسير¿ وما الذي ينتظره في الحاضر و في المستقبل وفقا لتنامي عدد الدول والقوى المتحالفة ضده والمعادية لسياساته وأساليبه القتالية على أكثر من مستوى ومستوى محليا وإقليميا ودوليا¿
تنظيم الدولة الإسلامية (داعش):
ينتمي تنظيم الدولة الإسلامية أو كما يسمي نفسه بدولة الخلافة الإسلامية من حيث الفكر والأهداف العامة إلى تنظيم القاعدة الإسلامي العالمي التوجه والذي تفرع عنه تنظيم جبهة النصرة الإسلامي في سوريا وتنظيمات أخرى إسلامية في الجزيرة العربية وشمال أفريقيا وفي منطقة القرن الأفريقي ونقطة الأساس في ظهور تنظيم القاعدة في بلاد أفغانستان هم المتطوعون والمجاهدون العرب والمسلمون الذين تم تجنيدهم وتدريبهم وتمويلهم وتسليحهم من جانب الولايات المتحدة الأمريكية والدول العربية الموالية والحليفة لها من أجل وبقصد محاربة الاحتلال السوفيتي لدولة أفغانستان وإسقاط الحكومة الأفغانية الشيوعية الموالية للمحتلين على حساب هوية وعقيدة الشعب الأفغاني المسلم وكان للولايات المتحدة أهدافها القومية والإستراتيجية الخاصة وكان لهؤلاء المجاهدين بدورهم أهدافهم الإسلامية الخاصة المعلنة وغير المعلنة وبعد تحرر أفغانستان في نهاية الثمانينات من القرن الماضي من الوجود السوفيتي وعملائه ودخلت بلاد أفغانستان في دوامة الصراعات المحلية بسبب عدم وجود رؤية محددة ومتفق عليها لشكل النظام السياسي لا أثناء معركة التحرير أو لاحقة عليها, فأميركا كان يهمها في المقام الأول إنهاك وهزيمة عدوها في الحرب الباردة وهو الإتحاد السوفيتي السابق والقوى المحلية وكذلك القوى العربية والإسلامية كانت ذات توجهات ومصالح متباينة رغم تقاطع مصالحها في هدف التحرير العاموعلى مستوى الصراعات المحلية الأفغانية برزت حركة طلاب الشريعة المسماة بحركة طالبان وعلى مستوى المجاهدين الوافدين ظهر تنظيم القاعدة في نهاية الثمانينات وبداية التسعينات وكان الاثنان على وفاق فكري وسياسي وتعليمي من حيث ارتباطهما معا بالإسلام السلفي المتشدد ومرجعياته الدينية والفكرية والسياسية في الجزيرة العربية وتتفق حركة طالبان وتنظيم القاعدة وفقا لمعتقدات قياداتهما الإسلامية وتفسيرهما الخاص لنصوص الإسلام عقيدة وشريعة على أن مشكلة المسلمين الحالية وتخلف المسلمين الحالي يعود في الأول إلى الابتعاد عن مبادئ وتعاليم الدين الإسلامي الحنيف كما طبقت في عصر الرسول صلى الله عليه وسلم وعهد خلفائه الراشدين وأن تراكم الظلم والاستبداد السياسي الداخلي وتعرض بلاد وديار المسلمين لاستعمار الاستغلالي الغربي هما معا وراء كل ما عاناه ويعانيه أبناء الأمة الإسلامية من تخلف وفقر ومرض ومن ضعف وهوان في كل أوجه الحياة ومظاهرها المختلفة ولا علاقة للإسلام العقيدة والشريعة والفكرية والنظرية والمنهج بكل هذه الأمور لأنه دين العدل و الإنصاف ودين الشورى والمشاركة والمساواة, وكان تحرك حركة طالبان وتنظيم القاعدة الذي أسسه أسامة بن لأدن في أفغانستان في اتجاه ربط الأمة الإسلامية بتعاليم الإسلام الصحيحة وتحريرها من الظلم والاستبداد الداخلي ومن الاستعمار الغربي المهين عل ديار المسلمين هو الذي أدى إلى ظهور فروع وبؤر جهادية من أفغانستان إلى باكستان وإلى دول ومجتمعات سياسية أخرى وصولا إلى تفجيرات سبتمبر عام2000م في أميركا ولجوء وقيام أميركا إلى ا