مرحى يا عراق

أ.د عمر عثمان العمودي

 - - العراق وحرب الخليج الثالثة
مر العراق في الفترة من عام 1991 إلى قيام الغزو الأميركي لبلاد العراق وأهل وسكان العراق في مارس 2003م بظرو
– العراق وحرب الخليج الثالثة
مر العراق في الفترة من عام 1991 إلى قيام الغزو الأميركي لبلاد العراق وأهل وسكان العراق في مارس 2003م بظروف وأوضاع قاسية وصعبة للغاية من جراء نتائج حرب الخليج الثانية وما فرض عليه من عقوبات وإملاءات شديدة الوطأة ورغم ذلك فقد تحمل شعبه الكريم والصبور كل ذلك متطلعا إلى المستقبل والأمل في المستقبل القريب بتوفيق الله وعونه وظل النظام السياسي صامدا رغم كل ما أصابه وحل به وظلت قبضته قوية على مؤسسات الدولة وفي مجال النظام والقانون الداخلي ولم تظهر علامات الضعف والخنوع على صدام حسين بل ظل في خطبه وأحاديثه يشيد بأم المعارك والنصر الذي تحقق فيها على الأعداء وسعى إلى إعادة بناء الدولة العراقية في حدود الإمكانيات المتاحة ومتطلعا إلى متغيرات دولية جديدة وعاجلة تخدم تطلعاته وهو ما لم يتحقق له في سنوات حكمه الباقية وقبل الإطاحة به عام 2003م.
سارت المتغيرات السياسية الدولية والتغيرات في منظومة المجتمع الدولي والنظام الدولي القيمية لصالح الولايات المتحدة الأميركية ودول الغرب الرأسمالي الليبرالي الأخرى بعد انهيار وتفكك دول المنظومة الاشتراكية بزعامة الاتحاد السوفيتي السابق عام 1991م وبالتالي انتصار الليبرالية الرأسمالية ومقولاتها في الحرية وحقوق الإنسان ونظام السوق الرأسمالي وآليات العرض والطلب وحرية التجارة (العولمة) وكان المحافظون القدامى والجدد في الإدارة والحكومة الأميركية يقومون بإعادة ترتيب خريطة العالم السياسية والاقتصادية والتجارية والمالية بما يخدم مصالح أميركا وحلفائها في دول المعسكر الغربي.
وعندما وصل إلى سدة الرئاسة الأميركية في نهاية عام 2000م جورج دبليو بوش سعى بمساندة اليمين المحافظ القديم والجديد وعبر منظومته السياسية إلى تنفيذ هذه التطلعات وكان بوش الابن ينتقد تحالف الدول والقوى التي أخرجت العراق من الكويت لأنها لم تواصل الحرب والزحف إلى داخل العراق وتنهي حكم صدام حسين المشاغب والعنيد وعلى أي حال فإن تفجيرات سبتمبر في نيويورك وواشنطن المنسوبة إلى تنظيم القاعدة الإسلامي العالمي فتحت المجال للرئيس الأميركي ومستشاريه وأعوانه وقادة المحافظين الجدد في الرئاسة الأميركية وفي الكونجرس الأميركي من أجل إعادة ترتيب ورسم الخريطة الجديدة لدول الشرق الأوسط من الدار البيضاء غربا إلى كابل وكراتشي شرقا وفقا للمصالح القومية الأميركية وكما تريد وترغب أميركا باعتبارها القطب العالمي الأقوى والأوحد في العالم والمسير الأول للسياسة العالمية.
بداية تنفيذ هذه الخطة أو الخارطة هي عملية حرب وغزو أفغانستان عام 2001 بدعوى القضاء على تنظيم القاعدة المتمركز في تلك البلاد والقضاء كذلك على حكم حركة طالبان الأفغانية الإسلامية المتشددة والمتحالفة مع تنظيم القاعدة والحامية له.
غزو العراق في مارس 2003م:
جاء الغزو الأميركي البريطاني للعراق في مارس 2003م في إطار الخطة المعدة لما تسميه بالشرق الأوسط الجديد وتقسيماتها السياسية الجديدة التي تهدف في المقام الأول إلى تحقيق سياسات ومصالح واستغلال الغرب في هذه المنطقة مع إعطاء دولة الكيان الصهيوني في فلسطين المحتلة دورا رائدا فيها ولكي تصبح فيما بعد رأس حربة الغرب ومصالحه في المنطقة رسميا وفعليا.
لم يكن للغزو العسكري الأميركي الاستعماري للعراق في مارس 2003م أية مبررات أو أسانيد أو براهين شرعية او موضوعية تذكر بل لم يكن هناك من داع له لأن العراق كان ينفذ كل التزاماته التي فرضت عليه ولم يكن يملك من مصادر القوة العسكرية العصرية ما يؤهله لمجابهة أية دولة لا كبرى ولا متوسطة الحجم والقوة ولم يسمع أحد على مدى عشرة أعوام أن كل وسائل مقاومته الأرضية قد أسقطت طائرة حربية أميركية واحدة من تلك الطائرات التي كانت كثيرا ما تخترق الأجواء العراقية في تحد واستفزاز سافر للعراق وشعبه.
وما أثير من أسلحة الدمار الشامل التي اتهم الغرب العراق بالعمل الجاد على إنتاجها “نووية أو غازية أو جرثومية” كل ذلك كان عبارة عن زوبعة افتعلت ضد العراق بواسطة الاستخبارات الأميركية والبريطانية وبمعاونة بعض دعاة الإثارة من المراقبين الدوليين من عملاء أميركا وبريطانيا وبقيادة وتحريك وتوجيه لا أخلاقي ولا إنساني من قبل بوش الابن وذيله في تلك العملية توني بلير رئيس وزراء بريطانيا في ذلك الوقت.

قد يعجبك ايضا