زرع الأمل
ذات يوم قامت فتاة صغيرة تدعى أمينتا من مالي بأفريقيا بتناول سائل كبريتي «جافيل» معتقدة أنها تتناول عصير «الصودا» الذي تحبه. كانت النتيجة احتراق المريء بحيث إنها غدت تتناول الغذاء عن طريق أنبوب يصل إلى المعدة مباشرة تلك الفتاة المريضة عبرت عن أنه لها حلم واحد هو أن تتناول ذات يوم القليل من «البوظة بالفانيليا».
وبفضل حملة تضامن معها تم إرسالها إلى باريس حيث أجرى لها الطبيب الجراح ألان دولوش عملية ناجحة. وقال: «جلبت لها البوظة بالفانيليا إلى المستشفى».
ثم أعطى كتابه الصادر حديثا عنوانا يقول «بوظة بالفانيليا» الذي يتحدث فيه عن التجارب التي عاشها مع عشرين من الأطفال المرضى أو الذين تعرضوا لحوادث خطرة في مختلف بلدان العالم. الصحافية فاليري تريرويلر التي عاشت سنوات مع الرئيس الفرنسي الحالي بما في ذلك خلال الفترة الأولى من وجودهما معا في قصر الإليزية قبل انفصالهما هي التي حررت مقدمة الكتاب.
ويشير المؤلف إلى أن ذلك يعود إلى لقائهما عدة مرات عند زيارة أطفال مرضى من مالي حيث كان يتم علاجهم في فرنسا وقالت له ذات مرة: «ينبغي بالقطع تحرير كتاب عن تجربتك». وبهذا المعنى يعلن أنها كانت جزئيا وراء الكتاب وكان من الطبيعي أن تكتب مقدمته.
ويروي المؤلف حكاية التزام وكيف أنه بعد أن كون خبرة مهنية كبيرة في المستشفيات العامة وجد نفسه مدفوعا نحو وضع تلك الخبرة في خدمة قضية الأطفال الفقراء.
ومما يكتبه الطبيب ـ المؤلف عن تجربته أنه أمر في غاية الجمال أن يقوم طبيب بإنقاذ أطفال كانوا يواجهون خطر الموت.
من ثم أراد الطبيب الجراح أن يكون وسيلة قد تعيد الابتسامة على وجوه أطفال قد تتوقف قلوبهم في كل لحظة بسبب مرض أو حادث ولادة أو أي سبب آخر في الوقت الذي تعاني فيه بلدانهم قلة التجهيزات والإمكانيات والأسوأ من ذلك أحيانا أنها قد تكون في حالة حرب.
ثم إن هذا الكتاب هو قبل كل شيء مغامرة إنسانية لطبيب قام بأكثر من 20000 عملية جراحية لقلوب مريضة وتعاني العجز إلى هذه الدرجة أو تلك.
وهذا الطبيب إلى جانب مساره الطبي ـ التعليمي في إطار جامعي هو أيضا أحد مؤسسي منظمة «أطباء بلا حدود» كما تولى في إطار الهيئة الطبية الإنسانية المعروفة باسم أطباء العالم إدارة الفرع المعروف باسم «سلسلة الأمل» التي قامت منذ عام 1988 بإجراء عمليات جراحية لأطفال في بلدان إقامتهم أو عملت على نقل الأطفال المرضى من البلدان الأكثر فقرا إلى فرنسا بحيث بلغ العدد الإجمالي للأطفال الذين جرى علاج قلوبهم أكثر من 9000 طفل من مختلف بلدان العالم.
هكذا نقرأ عن سوكفان الطفل الكمبودي الذي كان قد تلقى سهما في قلبه عندما كان يطارد الفئران على الهضبة المجاورة لسكنه. والطفلة إيلينا التي كان قد تم نسيانها في أحد ملاجئ الأيتام عام 1980 في رومانيا أثناء فترة حكم شاوشيسكو. والطفل كريم الذي سقط في النار أثناء أحد الأعياد في بوركينا فاسو.
والطفلة المالية أمينتا صاحبة حلم «البوظة بالفانيلا» الذي أعطت قصتها لهذا الكتاب عنوانه وعدد آخر من الأطفال.وما يؤكده المؤلف هو أنه تعلم الكثير من تلك القصص ويكتب: «إن هذه القصص وعددا غيرها علمتني أنه في الطب كما في الحياة لا ينبغي أبدا الاستسلام وفقدان الأمل علينا أن نعتقد دائما أن هناك عناية تحمينا».
المؤلف في سطور
ألان دولوش طبيب وجراح قلب فرنسي ذو شهرة عالمية وهو أستاذ في كلية الطب بجامعة السوربون بباريس ومدير قسم الجراحة الطبية في المستشفى الأوروبي في باريس. كما أنه أحد مؤسسي منظمة «أطباء بلا حدود» و«أطباء العالم». يقوم منذ أربعة عقود بإجراء عمليات للأطفال المرضى في جميع أنحاء العالم.
