مرحى ياعراق(9)

أ.د عمر عثمان العمودي

 - - ثورة يوليو- تموز العراقية عام  1958م 
حظيت الثورة العراقية ثورة يوليو – تموز من عام 1958م بفرح واستبشار وقبول كبيرمن جانب أغلبية الرأي العام العربي في بلاد المشرق العربي وكان المد القومي التحرري الوحدوي العربي قد
– ثورة يوليو- تموز العراقية عام 1958م
حظيت الثورة العراقية ثورة يوليو – تموز من عام 1958م بفرح واستبشار وقبول كبيرمن جانب أغلبية الرأي العام العربي في بلاد المشرق العربي وكان المد القومي التحرري الوحدوي العربي قد وصل إلى أعلى درجاته بقيام الوحدة المصرية والسورية في بداية عام 1958م لم يتعاطف أو يتساءل أحد عن دموية تلك الثورة وماصاحبها من قتل وسحل في الشوارع للبالغين من الذكور من أبناء الأسرة الهاشمية ورموزها وأنصارها لأن المدى الثوري العاطفي لعقول الناس كان هو الغالب وكانت آلة النشر والإعلام والدعاية المكتوبة والمسموعة في الجمهورية العربية المتحدة الجبارة قد نجحت في اقناع الناس البسطاء بجدوى وضرورة الإطاحة بمثل هذه النظم التي كانت تسميها بالعميلة للغرب وسياساته الاستعمارية وأحلافه العسكرية.
وانسحبت العراق في أعقاب تلك الثورة مباشرة من حلف بغداد الذى تشكل في عام 1955م وتغير اسمه إلى الملف المركزي واستمرت في عضويته كل من تركيا وايران وباكستان إلى جانب بريطانيا الدولة الفاعلة الاولى في تحريك مسارة وظن الإنسان العراقي أن حياته ومعيشته وحقوقه وحرياته ستتحول وتنتقل فورا إلى الوضع الأمن والأمثل والأعدل وتوقع العرب الوحدويون أن العراق في خلال بضعة أسابيع محدودة ستصبح الدولة الثالثة والركن الثالث في كيان الجمهورية العربية المتحدة وحدث الكثير من التخوف لدى قادة الكيان الصهيوني والدول المعادية للمد العروبي الوحدوي فحدث إنزال جوي بريطاني في الأردن لمساندة نظامها السياسي وردع من يهدد وجوده ووصل الأسطول السادس الأمريكي أو بعض قطعه الحربية إلى لبنان لرفع معنويات القوى السياسية اللبنانية الموالية للغرب وتقليل مخاوفها من تحديات المد القومي العروبي الوحدوي .
فما حدث ¿ وكيف سارت إحداثيات منطقة بلاد المشرق العربي السياسية ¿ وماذا تحقق للإنسان العراقي من مكاسب وإنجازات إيجابية ¿ وكيف سارت علاقة الثورة العراقية بالجمهورية العربية المتحدة وبوجه خاص بالقيادة والزعامة الناصرية التي كانت على رأس النظام العربي المناهض للغرب وسياساته وعلى رأس الحركة الثورية العروبية الوحدوية¿ كيف سارت الرياح بما تشتهي السفن أم بالعكس وفي الاتجاه المضاد¿
الحقيقة أن ما تحقق للإنسان العراقي من آمال وتطلعات لم يكن يمثل شيئا يذكر له على مس التطبيق وعلى مستوى الواقع الحياتي والمعيشي والاجتماعي والاقتصادي الملموس لا تقل لي شيئا ولكن دعني أرى وألمس ما أرى¿ فالقيادات العسكرية والسياسية العراقية التي تصدرت الفعل والعمل الثوري لم تحافظ على وحدتها وتماسك تضامنها لمصلحة العراق العامة وأهداف الثورة التي قامت من أجلها بل سقطت وغرقت سريعا في دوامة الصراع على السلطة والقوة والنفوذ والشهرة وأدخلت معها البلاد والعباد في عدم الاستقرار السياسي وفي حالة من العنف ومن الانقلابات والتصفيات المتبادلة.
وأمل التكامل والوحدة مع الجمهورية العربية المتحدة تعثر ولم يتحقق لأسباب كثيرة شخصية ومحلية وإقليمية ودولية وأبرز خلاف سياسي الذي ظهر على المشهد السياسي العراقي هو الخلاف الذي ثار بين أبرز قائدين لتلك الثورة وهما عبد الكريم قاسم و عبدالسلام عارف وساعد على تأجيج ذلك الصراع والخلاف التسرع الإعلامي والدعائي من جانب الجمهورية العربية المتحدة التي قدمت دعمها ومساندتها المحورية لصالح عبدالسلام عارف إذ اندفعت وتوهمت على سبيل الخطأ والتسرع بأن عبد السلام عارف هو المخطط والمنفذ الأول للثورة العراقية وأن دوره يماثل دور عبد الناصر في الثورة المصرية وأن عبد الكريم قاسم هو محمد نجيب العراق مع أن العكس كان في الغالب هو الصحيح فقد كان عبد الكريم قاسم يرى نفسه هو القائد والمخطط والمنفذ الأول لتلك الثورة ومن هذا برز الصدع في ثورة العراق ومسارها كما سيأتي أمر ذلك¿

قد يعجبك ايضا