ثورات تحت التسوية 1-3
يونس الحكيم

مقال

على مدار قرن من الزمن واليمن يعيش حالة من الاضطراب السياسي دخل من خلاله الوطن في أتون الصراعات والنزاعات والتي بلغت حصيلتها النهائية إلى اليوم عشر ثورات وحركات تحررية ثلاث منهن انتهين بالفشل (485561) والسبع الأخريات انتهين جميعهن بالتسوية .فلم تحقق ثورة واحدة كامل أهدافها أو التي قامت من أجلها إذا ما استثنينا ثورتي سبتمبر وأكتوبر والتي تمكنت الأولى من تغيير نظام الحكم من ملكي إلى جمهوري والثانية قامت من أجل طرد المستعمر وهي لب الثورات الحقيقية كونها في مقارعة المحتل الأجنبي مع أن كليهما انتهتا بتسوية سنذكر هن بشي من التفصيل لاحقا .
فعند الاستعراض للمراحل التاريخية التي مر بها الوطن في سياق الأحداث التي شهدتها البلاد خلال قرن من الزمن والتي نبدأها من العام 1911م والذي شهد فيه اليمن حدث تاريخي تمثل في إبرام اتفاقية ما عرف ( بصلح دعان) بين الإمام يحيى والأتراك والذي يتضمن تحديد سلطات التعيين للحكام في المناطق اليمنية فقد تضمن الصلح أو التسوية السياسية (وهي المصطلح المعروف حاليا) التي تمت بين العثمانيين عزت باشا وبين الإمام يحيى علي أن يكون تعيين الحكام في المناطق غير الزيدية من اختصاص الحكومة العثمانية وأما المناطق الزيدية أو التي تدين بالولاء الزيدي فتعيين أو تنصيب حكام الشرع فيها من اختصاص الإمام يحيى وهذه هي التسوية الأولى التي انتهت بها المقاومة أو الثورة إذا صح التعبير كان يقودها الإمام يحيى والتي كانت تحقق انتصارات متتالية والذي كان بالإمكان تحقيق مكاسب أكبر مما حصل عليه الإمام في التسوية السابقة أو بما يعرف بصلح (دعان). اما التسوية التاريخية الثانية فقد حدثت في العام 1918م بين نفس تلك الأطراف ولكن بمضامين أخرى والتي تقضي باستلام الإمام يحيى للمناطق التي كانت تحت السيطرة العثمانية مقابل التزام الإمام يحيى بتشكيل الدولة الجديدة من القيادات التركية والجنود ويكونوا جزءا من الدولة التي سيستلمها الإمام من العثمانيين برغم المعارضة الشديدة من البريطانيين وسلطان مصر مستحسنين فكره عدم إعطاء تلك المناطق إلى حكم الإمام يحيى مؤيدين لفكرة إعطائها الاستقلال التام الأمر الذي عارضه وبشدة السلطانين العبدلي والفضلي ودعما وبقوة ضرورة ضم المناطق الشافعية إلى حكم الإمام وهذا الموقف الكبير يحسب لهما وهذا فيما يخص التسوية الثانية من عمر المراحل التاريخية لحكم اليمن خلال قرن من الزمن والذي أعقبه قيام العديد من الثورات على نظام حكم الأئمة انتهت ثلاثة منها بالفشل وهن :-
ثوره 48 ضد الإمام يحيي والتي بدأت بمقتله وانتهت بهزيمة الثوار بعد أن قاد الإمام احمد ثورة مضادة في غضون أسبوعين تمكن من إحكام السيطرة والإمساك بزمام الأمور من جديد توالت بعدها الثورات ضده.
ففي العام 55تمكن السيف عبدالله بن يحيى حميد الدين وبالتعاون والتنسيق مع المقدم الثلايا من إجبار الإمام أحمد على التنحي من الحكم وتسليم السلطة إلى شقيقه السيف عبدالله الذي كان يشغل منصب وزير الخارجية في ذلك العهد إلا أن تلك الثورة لم تنجح فقد استطاع الإمام أحمد من إفشاله بعد خمسة أيام من وضعه رهن الإقامة الجبرية والذي استطاع عبر شرائه للولاءات من حرسه من الإفلات والانقضاض على خصومه وتصفيتهم جسديا بما فيهم شقيقه السيف عبدالله .
