حروب وصفقات لصناعة حكم الغلبة
عارف الدوش
عارف الدوش –
ما يجري في اليمن منذ عقود طويلة بدأت بخروج الأتراك من اليمن حتى اليوم هو صناعة حكم الغلبة بصفقات أو مناورات أو التهديد بحروب أو تنفيذ حروب محدودة أو شاملة ولسنا بحاجة إلى إيراد شواهد ونماذج فالتاريخ مكتوب بلغة المنتصرين أو محكي ومنقول بألسنة المهزومين أو مسكوت عنه والقليل القليل قيل وكتب بشفافية وصراحة من قبل أشخاص إما همشوا أو شردوا أو فقدوا حياتهم
والأمر برمته لا يتعلق بثورات وتجذيرها ولا بصالح الناس الغلابى أو بأغلبية اليمنيين وإنما يندرج تحت بند الصراع على السلطة والوصول إلى كرسي الحكم والتمتع بالثروة والهيلمان من قبل من يتحكمون بمفاصل القوة والثروة أو يصنعون القوة والثروة بأي طريقة كانت حتى ولو كانوا أقلية قبلية أو أسرية أو طالما وتهيأت لهم الظروف لذلك.
وفي تاريخنا اليمني نماذج صارخة لحكم الأسر والأقليات القبلية والأشخاص ملكيون كانوا أو جمهوريون بأثواب ملكية لا فرق فكلهم ظهروا بمسميات مختلفة في باطنها الوصول للسلطة والتحكم بالثروة وإقصاء الخصوم وفي ظاهرها مسميات تدغدغ مشاعر البسطاء والغلابى وترفع شعارات انتهازية بأنها مع الشعب وهي الشعب كل الشعب وفي الوقت نفسه تهدد بإبادة وحرب الشعب إن هو لم يستجب لما تريد
فالإمام يحيى حميد الدين صنع حكم الغلبة بفتح مناطق ما كان يسمى” اليمن الأسفل” ووزع أراضيه ومناطقه هبات لمن حاربوا معه أو صنعوا حكم الغلبة ثم دارت الدائرة واختلف الحلفاء فيما بينهم ولا أحد يستطيع نكران ذلك وما حصار صنعاء ونهبها بعد فشل ثورة 48 إلا نتيجة لاختلاف حلفاء حكم الغلبة
وجاءت ثورة الـ26 سبتمبر في الشمال لتصنع حكم غلبة العسكر بمساندة المصريين فاستمرت الحروب فتم إزاحة العسكر وصناعة حكم الغلبة بالقبائل “حاشد وبكيل ولفيف من مشايخ ما كان يسمى اليمن الأسفل “وهو ما أطلق عليه حركة 5 نوفمبر 67م واستمر حكم الغلبة في الشمال والجنوب بصور متعددة فمن تم إقصاؤه في الشمال اتجه جنوبا ومن تم إقصاؤه في الجنوب اتجه شمالا وهكذا ظل حكم الغلبة والقوة وإقصاء الآخر سائدا في اليمن حتى اليوم.
وما نراه ونشاهده اليوم ليس إلا صورة من صور صناعة حكم الغلبة وما شعارات الوقوف مع الشعب ورفع ما يناسب المرحلة إلا زورا وبهتانا واستغلال أخطاء من سبقوا في صناعة حكم الغلبة وهنا أورد نموذجا لنقاشات فيسبوكية ليمنيين ينضح منها تفكير حكم الغلبة وسأحذف منها ما يتنافى مع أخلاقيات النشر ويدخل في إطار التحريض والتشهير.
هدهد سبأ : ” من المؤكد أنه لو نفذ الرئيس كل ما يتحجج به الحوثيون لطلبوا المزيد وينفذ المزيد وحينما لا يجدوا مطلبا أو حجة سيقولون له ” أرنا الكرسي جهرة “
عبد السلام عباس الوجيه : ” سينفذ الرئيس مطالب الشعب رغم أنفه وأنفك والكرسي ليس محرما على الحوثي وعلى أي مواطن يمني ومن الذي قال أنه حكرا على مواطن دون آخر” وتم حذف ما يخالف النشر .
معاذ الصنعاني: ” بعد حذف ما يخالف النشر ” خذوا الكرسي بالانتخابات وأرونا رجالتكم أما التهديد والوعيد فلسنا ممن يخاف ورؤوسنا في أيدينا وليس في يد سيدي يحركها كيف يشاء ومتى يشاء “
ما سبق بعض حوارات الفيس بوك ولا أخالها إلا لمثقفين ومفكرين ومؤلفين هكذا يصنفون أنفسهم وما نسمعه في الإذاعات ونشاهده في القنوات الفضائية أكثر مما أوردناه بكثير ويفصح بكل وضوح أن الأمر صراع على السلطة والثروة وصناعة حكم غلبة فلا جرعة ولا فقراء ولا غلابى ولا مخرجات الحوار ولا تغيير حكومة فاشلة وراء ما يجري.
هذه المرة لم تسلم الجرة كما يقول المثل اليمني فإذا كانت القيادات العسكرية اليمنية في حرب 94م الظالمة ضد الجنوب والحزب الاشتراكي اليمني قد استطاعت تجنيب اليمن الحرب الأهلية الطويلة بتسليم المعسكرات وتجنب المواجهات ونقلها إلى بين سكان المدن فهذه المرة ستكون المواجهات طاحنة والانقسام الطائفي والمذهبي أخذ مداه ولم يبق سوى اختيار ساعة الصفر.
وأخيرا : الحوثيون ” أنصار الله” هم يمنيون بحثوا عمن يدعمهم داخليا وخارجياا لصناعة حكم الغلبة كما بحث غيرهم من اليمنيين سابقا عمن يدعمهم داخليا وخارجيا لصناعة حكم الغلبة لكن هذه المرة لم يتمكن طرف من صناعة حكم الغلبة مطلقا إلا اللهم في مناطق محددة لا تتجاوز ربع اليمن إن لم يكن أقل من ذلك فاجنحوا للسلم وتوكلوا على الله وارضوا بالشراكة الوطنية أيها الفرقاء.