الجمعة.. والخطبة!!

حسين محمد ناصر


 - عندما أحس الكاتب الصحفي الكبير أحمد مفتاح رحمه الله, أن كتاباته في صحيفة 14 أكتوبر والذي يتناول فيها الأوضاع العامة في البلاد بشفافية وصدق واستقلالية تامة "مزعجة" للرقيب الصحفي
عندما أحس الكاتب الصحفي الكبير أحمد مفتاح رحمه الله, أن كتاباته في صحيفة 14 أكتوبر والذي يتناول فيها الأوضاع العامة في البلاد بشفافية وصدق واستقلالية تامة “مزعجة” للرقيب الصحفي المتمثل برئاسة وإدارة التحرير, تقدم بطلب إجازة عن العمل لفترة من الوقت وكان يعلم أن كثيرا من زملائه وكذلك قيادة الصحيفة سينظرون إلى طلبه بعين غير تلك العين التي ترى فيها طلبا عاديا يمكن التعامل معه بروتين إداري يحقق لمفتاح ما اراد!!
رفضت رئاسة التحرير الطلب وصدر أمر إداري قضى بنقله من قسم الشؤون المحلية إلى القسم العربي والدولي في خطوة المراد منها اشغاله بالشأن العربي والدولي وتسخير كتاباته في هذا الجانب بعيدا عن ما يسببه من وجع الرأس بكتاباته المحلية.
وفي فترة قريبة ,شاهدنا حالات مكررة في الصحف اليمنية كان فيها المثقف الكبير صاحب العمود الأسبوعي يلجأ إلى الكتابة عن أحداث جزر القمر وعن مبدعي سيلان وتشاد ومساهمتهم الفكرية الإبداعية في حركة التصدي لغياب العدل والأمن والاستقرار والغلاء في تلك البلدان.
ورأينا فيها الشاعر المتميز يتألق إبداعا وهو يكتب القصيدة المكرسة لتصوير حياة الشعب الماليزي.. وصعوباتها ومنغصاتها, ولكنهما المثقف والشاعر كانا يضعان رباطا من القماش بل قل الحديد على أعينهما كي لا يشاهدان صعوبات الواقع المحلي نظرا للعواقب المتوقعة والمترتبة على التعبير الصادق عن قضايا الوطن والمجتمع ,وهذا الموقف لا يتوافق مع موقف المثقف الوطني/ الثوري/ وما تمليه عليه مصالح وطنه وناسه من التزامات وتضحيات.
وخلال السنوات القليلة الماضية لم تشهد أجواء الفكر والخطاب السياسي أية تغييرات ملموسة يشعر من خلالها المتابع المتلقي بشيء من الانطلاقة إلى الأمام لمعانقة الأجواء الفكرية التحررية الديمقراطية التي تمثل أنموذجا لغياب الإرهاب بشتى أنواعه ومنه السياسي الفكري!!
وما تزال نفس البرامج ونفس الخطط والأداء والأساليب القديمة تشكل ما هو السائد اليوم ومن الصعب العثور على أية لمسات تغيير حقيقية.
كان الرئيس عبدربه منصور هادي رئيس الجمهورية صادقا عندما تناول موضوع الأداء الإعلامي الرتيب وصراعاته ومحاولة البعض جعل خطابه الإعلامي متحدثا رسميا باسم الدولة ,وما عداه من خطابات معاديا لها, مستغلا كثيرا من الأسباب المتجذرة في جسد الإعلام اليمني بشتى أنواعه وكان محقا جدا في الدعوة لعقد وتوقيع ميثاق شرف يضع الجميع أمام مسؤوليات وطنية جديدة تأخذ في الاعتبار قبل كل شيء مصلحة الوطن العليا ومصالح مواطنه.
لقد مضى زمن الصوت الببغاوي الذي يردد بدافع الانتهازية والمصلحة الضيقة لكل العبارات الجوفاء التي لا تلامس الواقع وكذا التبريرات الهشة التي لا تستقيم عند أول مواجهة أو حوار مهم, مضى زمن التصفيق غير الواعي لكل ما يقال ولم يعد الشعب جاهلا إلى درجة عدم القدرة على التمييز بين الحريص الوطني والمنافق السياسي الذي لا تهمه غير مصلحة آنية يتكسب فيها لبعض الوقت ثم يتجه للتصفيق والتبرير لموقف مغاير إن وجد فيه مصلحته ,والتاريخ يحفل بكثير من هؤلاء الذين سرعان ما يتشاطون غضبا إن أشار أحد إليهم بنصيحة أو دعوة للكف عن هكذا أسلوب وحرفة.
يعرفون أنفسهم كثيرا ,ومن يحب الوطن ويصطف خلف الرئيس يجب عليه أن لا يتردد في إسداء النصح في كل الأوقات والتبصير بما يمكن أن يعزز الوحدة الوطنية ولم الشمل بدلا من التمزيق وتوسيع الهوة بين أبناء الشعب ورفع كلمة الحق في وجه أية محاولات للتخريب والدمار وقرع طبول الحرب.

قد يعجبك ايضا