يا عقلاء البلاد اتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم
د/عبد الله الفضلي
يا عقلاء اليمن أينما كنتم سواء في السلطة أم خارجها يا أهل الحل والعقد يا أهل الحكمة والإيمان لقد دعانا الله عز وجل أنه إذا اختلفنا في شيء فنرده إلى الله ورسوله .
فأين نحن من أخلاق القرآن الكريم الذي هو بمثابة وصية من الله إلى خلقه من المؤمنين لكي يعملوا بأحكامه ويطبقوه في حياتهم قولا وعملا .
أرأيتم إذا ترك الرجل وصية لأولاده وهم الورثة من بعده وقال لهم فيها أوصيكم بأن تنفذوا ما جاء بالوصية بالحرف الواحد وأوصاهم بعدم الاختلاف حولها أو نقضها ومن خالف الوصية (سأكون خصما له ولن أرضى عنه وسوف يغضبني في قبري) .
فإذا كان الورثة من الصالحين ومن الطائعين لوالدهم فإنهم سوف ينفذون ما جاء بالوصية دون اعتراض وكل يأخذ حقه الموصى له به عن قناعة وصدق . وإذا كان هؤلاء الورثة لن يختلفوا في شيء فإنهم سيكونون عباد الله إخوانا . فإذا اختلفوا على الوصية وكل يدعي أنه لن يطبق ما جاء فيها بحجة أنه لم يحصل على ما يريد من القسمة وأنه سوف يخالفها ويأخذ حقه بالقوة مهما كانت الوصية وفي هذه الحالة سوف يختلفون فيما بينهم اختلافا شديدا وسوف يتشاجرون ويتنافرون ويستحوذ عليهم الشيطان فيتبعون خطواته ويصلون إلى طريق مسدود وتنشب بينهم العداوة والبغضاء وقد يخسرون كل شيء ورثوه عن أبيهم نتيجة لمخالفتهم للوصية .
ونحن كمسلمين ومؤمنين بالله ولدينا الحكمة والإيمان لماذا لا ننفذ وصية الله ونحتكم إلى القرآن والرسول الأعظم صلى الله عليه وسلم وننبذ الأحقاد والضغائن والبغضاء والحسد من حياتنا ونكون عباد الله إخوانا ونرجع إلى الله وليكون تعاملنا مع بعضنا تعاملا أخلاقيا صادقا منزها من أي هدف أو مكسب .
وإذا كان الرسول صلى الله عليه وسلم خلقه القرآن كما قالت السيدة عائشة رضي الله عنها فلماذا لا تكون أخلاقنا هي القرآن ونتدبر آياته التي تناولت كل شيء في حياتنا في الدنيا والآخرة وبالتالي لماذا لا نتعظ ونترفع فوق الأنانية والمصالح الشخصية والحزبية ونهذب أنفسنا ونصلح شأن الأمة كلها .
قال أحد العلماء إن الصلاة والزكاة والعبادة والحج والجهاد في سبيل الله والصدقة من الأشياء المحببة إلى الله عز وجل ولكن إصلاح ذات البين أحب إلى الله مما سبق .
فأيهما أفضل عند الله إصلاح ذات البين وما يناله المؤمن من أجر كبير أم الفتنة والقتل وسفك الدماء وما يترتب عليها من عقاب وعذاب وغضب من الله والصلح خير, يا أهل اليمن ويا عقلاء الأحزاب لن تنفعكم كبرياؤكم في الأرض ولا تطاولكم ولا أموالكم ولا عشائركم ولا أنصاركم ولا جيوشكم ولا مرافقوكم ولا أسلحتكم الضخمة طالما وأنتكم تتآمرون على تدمير اليمن والدعوة إلى الاقتتال والفتنة والتفريق بين الناس وتصنيفهم إلى فئات ومذاهب وعقائد ما أنزل الله بها من سلطان , لأن الغرض من هذا كله هو التسلط والسيطرة والتحكم والكبرياء في الأرض والاستيلاء على الدولة وثرواتها دون غيركم من المواطنين المغلوبين على أمرهم (إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم) وفكروا جيدا أن هناك 25 مليون مواطن يمني لهم مصالح واحتياجات سوف يتضررون اشد الضرر بأفعالكم وتباغضكم فإذا صلحتم سيصلح الشعب وينعم بالأمن والاستقرار وإذا تباعدتم وتباغضتم وذهبت ريحكم وعقولكم مع الشيطان ودمرتم أخلاقكم فإن الشعب كله سوف يتباغض ويتقاتل ويتأثر بكم سلبا أو إيجابا وسوف تدمر أخلاقه كما دمرت أخلاقه وقيمه ومبادئه منذ عام 2011 المشؤوم حتى يومنا هذا .
أعيدوا النظر في أخلاقكم الفاسدة وإذا حكمتم بين الناس فاعدلوا كما قال الله تعالى (إن الله يأمر بالعدل والإحسان) .
أعيدوا للمواطنين بعض الثقة فيكم وانبذوا من عقولكم وأفكاركم العنف والإرهاب والانتقام واعملوا جميعا على بناء وطن يمني يتسع للجميع وأن تكون مصلحة الوطن فوق كل اعتبار هذا إذا كنتكم تؤمنون بالله وبالوطن وتقدرون الله حق قدره (إن الله كان على كل شيء حسيبا) .
إلى متى ستظلون تضحون بآلاف المواطنين في سبيل بقائكم وحمايتكم وحماية مصالحكم وإلى متى ستظل الأنانية والأنا تسيطر وتتحكم بسلوكياتكم وبالتالي لماذا لا تتواضعون وتنزلون على مستوى الشعب وأحسنوا كما أحسن الله إليكم .
لقد سئمنا مظاهرات وهتافات وشعارات كما سئمنا الاعتصامات والزعيق في الشوارع بالإضافة إلى أننا قد سئمنا المكايدات والمناكفات نريد أن نبني وطنا خاليا من الأحقاد والضغائن واتعظوا بما يجري في ليبيا والعراق وسوريا يرحمكم الله .
أستاذ جامعي
/ aafadhli@yahoo.com