مريم تبكي ثلاثة أشياء ..

عبد الرحمن بجاش

 -             

قلت اسأل وقد وجدت تلك الصغيرة أمامي : وهذه من ¿ - هذه تاج , أبتسمت وقلت يعني سمöية ابنتي , وهي ابنة مريم , ومريم أصبحت في البيت جزءا منا ومن همومنا , بيد أن هم

قلت اسأل وقد وجدت تلك الصغيرة أمامي : وهذه من ¿ – هذه تاج , أبتسمت وقلت يعني سمöية ابنتي , وهي ابنة مريم , ومريم أصبحت في البيت جزءا منا ومن همومنا , بيد أن همها كبير إلى درجة أنها لم تعد تستحمل , مريم من المحويت وقد قدمت إلينا طفلة لا يتعدى عمرها الثامنة , وأصبحت الآن أما لديها محمد وابنه أسمتها تاج , وتاج الآن عمرها وصل إلى الثالثة عشرة , مريم البسيطة الفقيرة , لم أر مثيلا لها , كرامة , وعزة نفس , وأمانة , وخلق , وتفان في العمل , ونحن نراها جزءا منا لا نفرق بينها وبين الأولاد , ومريم تزوجت ابن عمها محمد , وهو الآخر ينحت الصخر بحثا عن اللقمة الشريفة , يوم مع مقاول , يوم يقضي لهذا حاجته ويأخذ فقط مقابل تعبه , وأيام يجد نفسه بلا شغل فيجترح اللحظة بكل ما أوتي من قوة , يأتي هو ومحمد الصغير يجمع قوارير المياه الفارغة ويبيعها , الأهم ألا يمد يده لأحد , كريما , صاحب نفس, عزيزة, سامية , أمينا , خجولا , يشتغل ويشتغل حتى يطرحه جسده أرضا , مريم أرادت أن تكون مثل كل الناس , فهبت بابنتها إلى المدرسة القريبة , هي نفسها لا تقرأ ولا تكتب , لكنها تحلم بابنتها قارئة كاتبة, ولذلك فقد وزعت جهدها بيننا وبيت آخر لتدفع قيمة الدفاتر والأقلام وحق السندويتش , وإيجار عاشر البيوت ربما , فكل مؤجر لأن لا ظهر لها, يرميها بعد أيام, فتبحث بدون كلل عن مأوى لها ولأولادها , وفي البيت والدة زوجها تظل تنتظر رواح مريم بأرزاق الله وقليل من قاتي , تستلم من الضمان كل ثلاثة أشهر 6 آلاف ريال وتعذب حين تستلم فأتدخل أنا بعد أن يأمروها بالذهاب إلى المحويت , قلت لأحدهم ذات مرة , هل يعني أن عليها أن تبحث عن 20 ألفا لتأتي بأل 6 آلاف !!! , فخجل وسلمها من بريد الجراف , هذه المرة قيل لأصحاب الضمان : اذهبوا بهذا الكوبون إلى شميلة هاري وخذوا موادا, الدولة ( ما بش معها فلوس ) !! , قلت : لماذا تاج هي عندنا اليوم ¿¿ التفتت أمها تجاهي بنظرة ذات مغزى ففهمت , فالحال لم يعد يستحمل , وتدرك مريم بحدسها الا افق!! , فقد وصلت تاج إلى الرابع ابتدائي , وعليها الآن أن تذهب إلى العمل , من أجل لقمة العيش , أحسست أن نارا تلتهم وجهي (( لا تزال طفلة )) , كيف ¿¿!! العين بصيرة واليد قصيرة وإلا ……., يا رب السماوات والأرض, يذهب الفاسدون ببناتهم إلى مدارس للنزهة وفي جيوبهن الآلاف وعلى سيارات تكاد تطير , ومريم تأتي وتذهب على رجليها ولا تجد قيمة الدفتر والقلم …كيف ¿¿ , الآن ستكون الأرجل أربعا , رجلين تمرستا الطريق , ورجلين غضتين ستبدآن المشوار , إلى أين ¿¿ فقط إلى اللقمة الشريفة , وبدون أفق آخر !! زوج يأتي صدفة هكذا هي المعادلة لتظهر تاج الصغيرة أما رغماعنها وعن طفولتها , من لمريم وتاج ذات الـ13 ربيعا ¿¿ , ودبة الغاز هم آخر يكاد يقتل الروح , فمريم تريد أن تسخن أكل زوجها وابنيها وعمتها وضيوف يأتون من البلاد !!! ((طالما مريم في صنعاء فهي غنية )) هكذا هو المنطق , ولذلك يكثر الضيوف , لا تتبرم هي ولا محمد , بل تضيق نفسها لحظة ان تخبو الشعلة فيكون إيذانا بانتهاء الغاز من الدبة , وهات يا مدهش دبة أخرى , يطلب مدهش 1800 ريال , تصرخ مريم المرة الوحيدة وبلهجتنا (( شقصف عمرك مش التلفزيون قال 1200 )) , يصرخ مدهش هو الآخر حنق من ظروفه ولأنه يرثى لحال مريم : سيري أشتري من التلفزيون !! , هي مريم إذا تجاهد الدنيا وقد وصلت إلى منتصف الطريق ولا تدري كم المتبقي , وإلى أين تذهب بها رياح الحياه , لتبدأ تاج مشوارها …..إلى أين سينتهي بها ¿¿ تظل – كما أشياء كثيرة في هذه البلاد – الاجابة معلقة , وأنا يحرق قلبي كلما أراها أمامي كل لحظة حتى صرت أتخيلها عجوزا قبل الأوان …….

قد يعجبك ايضا