الرئيس هادي.. ودلالات التقاء مطالب الاصطفاف
محمد محمد إبراهيم
لم يكن الموج البشري الذي تدفق في شوارع العاصمة في أكبر اصطفاف وطني في تاريخ اليمن السياسي مجرد جموع اجتمعت لكي تسمع للخطب والشعارات بل رسمت لوحة تعبيرية عن الآمال والتطلعات الكبيرة المعلقة على فخامة الرئيس عبدربه منصور هادي- رئيس الجمهورية الذي حملته الظروف العاتية والصعبة وطلبته السلطة والمهمة الوطنية حين اكفهرت سماء صنعاء بتصدع منظومة السلام السياسي..
اليوم تؤكد الجموع الحاشدة تعلقها وأملها -بعد الله- بالرئيس عبد ربه منصور هادي رجل السلام لما كشفته الظروف الأكثر تعقيدا عن جوهره ومعدنه الأصيل فقد تجلى صمته السياسي وإقدامه وشجاعته في أخطر الظروف والتحديات والأزمات والفواجع كتواجده في أرض المواجهة ضد الإرهاب في حادثة العرضي وقدرته العجيبة على إدارة أهم إنجاز أدهش العالم وهو الحوار الوطني الشامل وفق استراتيجية من الحنكة والحكمة والقبول بالمختلف وغض الطرف عن العداءات أو الانتقادات التي لا يرى في الوقوف عندها سوى ضياع للوقت والجهد ففتح قلبه للجميع وحافظ على الجميع وما يزال حتى اللحظة يداري الشر بالمعروف والمكر بالصفح وحقد بعض القوى السياسية بسياسة الضرورة القصوى في التعايش بين الجميع وبين أبناء اليمن على مختلف مشاربهم..
إن كل الحشود الغفيرة اليوم أينما كانت صادقة في عواطفها وشعاراتها وحماسها في مطالبها بتنفيذ مخرجات الحوار الوطني مع الأخذ بالاعتبار أن المظاهر المسلحة التي تشافه الشرر على مشارف صنعاء في صورة لا تعكس إلا أجندة يرفضها الشعب اليمني حاضرا وسيرفضها مستقبلا ومهما ناغت وجع الفقراء بمناهضتها لقرار رفع الدعم عن المشتقات النفطية إلا أنها تتنافى مع شعار السلمية الذي يعد الجوهر الطبيعي لديمقراطية الخلاف وهي بذلك وضعت نفسها اليوم في اختبار صعب أمام مرونة ومبادرات القيادة السياسية الحريصة على الجميع..
كما أن مطالبة الرئيس هادي بتنفيذ مخرجات الحوار الوطني تعكس دلالات مختلفة تتمحور حول معرفة وإيمان الجموع من العامة والنخب بأن لا سبيل لإخراج اليمن من دوامة الصراع السياسي وتداعيات الوضع الاقتصادي إلا بتنفيذ مخرجات الحوار الوطني هذا من ناحية ومن ناحية أخرى تتجه الأنظار والآمال في ذروة المخاوف من تفجير الوضع صوب الرئيس هادي ربما لأنه من أعاد ابتسامة الحكمة اليمانية بعد اليأس في ربيع التشظي الذي بقدر ما كان نافذة أمل لجيل الشباب في إرادة التغيير إلا أنه فتح الباب على متوالية من الخراب والحروب محولا العاصمة إلى معركة تشتعل فيها تماسات فرقاء الصراع سياسيا وقبليا وعسكريا وعصبويا ومذهبيا وامتدت الأحقاد لتطال الأبرياء في كل مكان..
إن صدق مطالب هذه الحشود للقيادة السياسية بتنفيذ المخرجات وتحريك عجلة التغيير بحكومة كفاءات تمثل كل أبناء الوطن وإشراك الجميع في مسئولية الحل السياسي والاقتصادي يتطلب من كل القوى السياسية التي تحرك الجموع هنا وهناك الانصياع لمبادرات هذا الرجل الوطني والوحدوي حتى يتسنى لسفينة الوطن الخروج إلى مرسى السلام خصوصا وهذه القوى تدرك أن الرئيس هادي هو من رعى القوى والسياسية وكل فئات الشعب اليمني في عملية إنجاز تلك المخرجات.. وعلى هذه القوى أيضا أن لا تكون بتوتير الوضع وتأزيم الخطاب جزءا من تحديات وعرقلة مسيرة الدولة باتجاه تنفيذ المخرجات..
رسالة هامة
على جميع القوى السياسية اليمنية بل على جميع اليمنيين أن يدركوا أن حل المعضلات اليمنية أو تعقيدها يتوقف عليهم وأنهم المسئولون عن أمنهم الاجتماعي والقومي واستقرار حاضرهم وتأمين مستقبل أجيالهم.